الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

 عقوبة شارب الخمر

السؤال

ما هي عقوبة شارب الخمر؟ هل يمكن للشارب الخمر أن يصلي ويصوم رمضان؟

ملخص الجواب

عقوبة شارب الخمر في الدنيا فهي الجلد باتفاق الفقهاء لما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال. ثم اختلفوا في عدد الجلدات فذهب جماهير العلماء إلى أنها ثمانون جلدة في الحر وفي غيره أربعون. وأما الصلاة والصيام من شارب الخمر، فلا شك أنه يجب عليه أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وأن يصوم رمضان، ولو أخل بشيء من صلاته أو صيامه لكان مرتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لجريمة شرب الخمر

الحمد لله.

حرمة شرب الخمر في القرآن والسنة

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ المائدة/90

وفي صحيح البخاري (2295) ومسلم (86) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ.  أي لا يكون مؤمناً كامل الإيمان بل يكون قد نقص إيمانه نقصا عظيما بهذا الفعل الشنيع.

وفي البخاري أيضا (5147) ومسلم  (3736) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَة.

وفي سنن أبي داود (3189) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/700).

وفي سنن النسائي (5570) أَنَّ ابْنَ الدَّيْلَمِيِّ قال لعبد الله بن عمرو هَلْ سَمِعْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ شَأْنَ الْخَمْرِ بِشَيْءٍ فَقَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لا يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَلاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (709). 

والمعنى: أنه لا يثيبه عليها لا أنه لا تجب عليه الصلاة، بل يتوجب عليه أن يأتي بجميع الصلوات، ولو ترك الصلاة في هذا الوقت لكان مرتكبا لكبيرة من أعظم الكبائر، حتى أوصلها بعض العلماء إلى الكفر، والعياذ بالله.

والأحاديث والآثار الدالة على شدة تحريم الخمر كثيرة جدا، وهي أم الخبائث، فمن وقع فيها جَرَّأته على ما سواها من الخبائث والجرائر. نسأل الله العافية.

عقوبة شارب الخمر

وأما عقوبة شارب الخمر في الدنيا فهي الْجَلْدُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. لِما رواه مُسْلِمٍ (3281) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ الْجَلَدَاتِ: فَذَهَبَ جماهير العلماء إلَى أَنَّهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً فِي الْحُرِّ , وَفِي غَيْرِهِ أَرْبَعُونَ.

واستدلوا  بما جاء في حديث أنس السابق وفيه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ."

ووافق الصحابة عمر رضي الله عنه على ذلك ولم يخالفوه. وقد قرر مجلس هيئة كبار العلماء أن عقوبة شارب الخمر هي الحد، وأن الحد ثمانون جلدة.

وبعض العلماء كابن قدامة رحمه الله، وشيخ الإسلام في الاختيارات يرون أن الزيادة على الأربعين تابعة لنظر الإمام المسلم فإن رأى الحاجة داعية إلى الزيادة على أربعين كما حصل في عهد عمر رضي الله عنه فله أن يجعلها ثمانين. والله أعلم (ينظر توضيح الأحكام 5 / 330).

هل تصح الصلاة والصيام من شارب الخمر؟

وأما الصلاة والصيام من شارب الخمر، فلا شك أنه يجب عليه أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وأن يصوم رمضان، ولو أخل بشيء من صلاته أو صيامه لكان مرتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لجريمة شرب الخمر، فلو أنه شرب الخمر في نهار رمضان لكان قد عصى الله بمعصيتين كبيرتين: الأولى الإفطار في نهار رمضان، الثانية شرب الخمر.

وليعلم أن وقوع المسلم في معصية وعجزه عن التوبة منها لضعف إيمانه لا ينبغي أن يُسوِّغ  له استمراء المعاصي وإدمانها، أو ترك الطاعات والتفريط فيها  بل يجب عليه أن يقوم بما يستطيعه من الطاعات ويجتهد في ترك ما يقترفه من الكبائر والموبقات، نسأل الله أن يجنبنا الذنوب صغيرها وكبيرها إنه سميع قريب. 

 

وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 27143، 395499، 96702، 41760، 218149، 302497.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب