الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

تدرس في دار التحفيظ وتقصد أن تخطبها إحدى النساء

226907

تاريخ النشر : 02-11-2015

المشاهدات : 9950

السؤال


أنا فتاه أبلغ من العمر 27 عاما ، منذ حوالي 4 أشهر بدأت التردد على مسجد لتلقي دروس دين ، ورجعت إلى دار تحفيظ قرآن لحفظ القرآن مثلما كنت أفعل منذ 5 سنوات ، ولكن توجد نية بداخلي وهي أنني أتردد للمسجد وللدار لعل أي سيدة تراني فترشحني لرجل كي يتزوجني ، فما حكم الدين في ذلك؟ وهل سيتقبل الله مني حفظي للقرآن وتدبره ؟ وإذا كان هذا حراما فكيف أنجو من هذا ؟ لقد اعتدت أن أقول " اللهم أجعل كل أعمالي صالحة ، وأن تكون لوجهك خالصة " وأكون سعيدة جدا عندما أتعلم درسا جديدا وحديثا جديدا ، ولكن تلك النية التي ذكرتها ؛ وهي احتياجي لزوج من هذه البيئة الصالحة تراودني دائما ، وحرصي على مواظبة الذهاب بسبب تلك النية ، ولم استطع الإقلاع عنها ، أفيدوني .

ملخص الجواب

والحاصل : أنه لا حرج عليك في ذهابك للمسجد بهذه النية ، ولا ينافي ذلك إخلاصك لله تعالى. والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


إذا عمل العبد العمل الصالح يقصد به وجه الله ، وجمع إلى ذلك إرادة حسنة الدنيا المباحة التي لا تخالف القصد الأول ولا تضاده : فلا حرج عليه في ذلك .
قال القرافي رحمه الله في "الفروق" (3/44) :
" وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ [ يعني : في النية] كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ بِالْجِهَادِ ، وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ مِنْ الْغَنِيمَةِ : فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ ، وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ ، بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ .
فَفَرْقٌ بَيْنَ جِهَادِهِ لِيَقُولَ النَّاسُ : إنَّهُ شُجَاعٌ ، أَوْ لِيُعَظِّمَهُ الْإِمَامُ فَيُكْثِرَ إعْطَاءَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ : فَهَذَا وَنَحْوُهُ رِيَاءٌ حَرَامٌ .
وَبَيْنَ أَنْ يُجَاهِدَ لِيُحَصِّلَ السَّبَايَا وَالْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ مِنْ جِهَةِ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ ، فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ ، وَلَا يُقَالُ لِهَذَا رِيَاءٌ .
وَكَذَلِكَ مَنْ حَجَّ وَشَرَّك فِي حَجِّهِ غَرَضَ الْمَتْجَرِ ، بِأَنْ يَكُونَ جُلُّ مَقْصُودِهِ ، أَوْ كُلُّهُ : السَّفَرَ لِلتِّجَارَةِ خَاصَّةً ، وَيَكُونَ الْحَجُّ إمَّا مَقْصُودًا مَعَ ذَلِكَ ، أَوْ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَيَقَعُ تَابِعًا اتِّفَاقًا : فَهَذَا أَيْضًا لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَجِّ ، وَلَا يُوجِبُ إثْمًا وَلَا مَعْصِيَةً .
وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ ، أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ ، وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ مَقْصُودُهُ ، أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ ، وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ ، وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ : لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فِي صَوْمِهِ ، بَلْ أَمَرَ بِهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أَيْ قَاطِعٌ " انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين : حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة : فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوى بأمر دنيوي .
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال بأنه مخلص ؟
فالجواب : أنه أخلص العبادة ، ولم يرد بها الخلق إطلاقا ؛ فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته ، بل قصد أمرا ماديا من ثمرات العبادة ، فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ، ويريد أن يمدحوه به .
لكنه بإرادة هذا الأمر المادي : نقص إخلاصه ، فصار معه نوع من الشرك ، وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة إرادة محضة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2 / 209) .

وكل ما يعطيه الله تعالى للعبد : هو من رزق الله الذي يسوقه إليه ، فيشمل ذلك : الإيمان والعمل الصالح والمال والأولاد والزواج السعيد ... إلخ .
ومن أسباب طلب الرزق : تقوى الله تعالى ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
فلا حرج على المسلم أن يتقي الله تعالى ويعبده ، ويحفظ القرآن ويتعلم العلم الشرعي ، ومن جملة مقاصده في ذلك العمل : أن الاستغفار من أسباب الفرج والرزق ، والعمل الصالح ، من أسباب طيب العيش .
وينظر جواب السؤال رقم : (218048) .

ولا حرج على المرأة أن ترجو لنفسها زوجا صالحا ، وتطلب ذلك وتسعى له ، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (100703) .
وذهابك إلى المسجد ومخالطتك للصالحات من أسباب حصول هذا ، فلا حرج عليك في فعله .

وقد ذكرت أنك تفرحين إذا تعلمت درسا جديدا أو حديثا جديدا ، وهذا يدل ـ إن شاء الله ـ على أن تعلمك هو لوجه الله ، ومحبةً في العلم الشرعي .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب