الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

اتفق على عدم أخذ راتبه إلا بعد نجاح المطعم ثم صار يأخذ أجره خفية .

256350

تاريخ النشر : 27-02-2017

المشاهدات : 1877

السؤال

من عشر سنوات قام صديق لي بافتتاح مطعم ، وأراد أن أساعده على أن يعطيني راتبي بعد أن ينجح المطعم ، عملت معه ، ومرت الأشهر الثلاثة الأولى دون أن يعطيني شيئا ، وكنت بحاجة ماسة للمال للإنفاق علي عائلتي ، فاضطررت أن آخذ من أموال المطعم كل يوم ما يعادل يوميتي ، أي إنني كنت آخذ أجرتي يوما بيوم في آخر شهر من الشهور الثلاثة الأولي لافتتاح المطعم ، ثم حدث أن أغلق المطعم ، وأنا لم أقل له شيئا ، وهو لم يعطني باقي راتبي . سؤالي هو : هل أعتبر سارقا ؟ هل أخطأت ؟ وإذا كنت مخطئا كيف أكفر عن ذلك ، مع العلم إني لا أستطيع إخباره ، وضميري يؤنبني ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كنت قد اتفقت مع صاحب المطعم على راتب معين، لكنه اتفق معك على تأجيل تسلمه إلى نجاح المطعم، فكان يلزمك الانتظار والوفاء، إلا أن تتضرر بذلك، فتطالبه بالأجرة.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة / 1، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وروى البيهقي (14826) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ " وصححه الألباني في " الإرواء" (6/ 303).

وأصل هذا الاتفاق محل نظر؛ لأنه يؤدي للنزاع، لجهالة المدة التي يُحكم فيها بنجاح المطعم .

لكن حيث رضيت بذلك، فقد أخطأت بأخذ راتبك دون إعلامه، وأخللت بالأمانة التي بين يديك.

فالواجب أن تستغفر الله تعالى من ذلك.

وإن كان ما أخذته ، لا يزيد على ما تستحقه خلال هذه المدة : فلا يلزمك رد شيء من المال، ولك أن تطالب بالباقي، ولا تأخذ أزيد من حقك.

ثانيا:

أما إن كان الاتفاق على أنك تساعده، أي تعمل مجانا ، ولا تأخذ راتبا إلا بعد نجاح المطعم، فأنت متبرع بالعمل، ولا حق لك في الراتب، حتى تتفق مع صاحبك على بدء المدة التي تتقاضى فيها راتبا.

وعليه : فيكون ما أخذته سرقة محرمة، والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن ترد المال إليه ، أو تتحلل منه .

فإن خشيت مفسدة بإخباره، فأوصل المال إليه بأي طريقة ممكنة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه ، وتبلغه ، وتقول : إن عندي لكم كذا وكذا ، ثم يحصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه .

لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه ، وأنه لا يمكن أن يذهب – مثلاً – إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا ، وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال يمكن أن يوصل إليه هذه الدراهم – مثلاً – من طريق آخر غير مباشر ، مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله – عز وجل – فأرجو أن توصلها إليه.

وإذا فعل ذلك فإن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق / 2 ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق / 4

فإذا قُدِّر أنك سرقتَ من شخصٍ لا تعلمه الآن ، ولا تدري أين هو : فهذا أيضاً أسهل من الأول؛ لأنه يمكنك أن تتصدق بما سرقتَ بنيَّة أنه لصاحبه ، وحينئذٍ تبرأ منه.

إن هذه القصة التي ذكرها السائل توجب للإنسان أن يبتعد عن مثل هذا الأمر ؛ لأنه قد يكون في حال طيش وسفهٍ ، فيسرق ولا يهتم ، ثم إذا منَّ الله عليه بالهداية يتعب في التخلص من ذلك " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " ( 4 / 162).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب