الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

زكاة المال الموروث والمرصود لسداد دين المتوفى

258935

تاريخ النشر : 26-11-2017

المشاهدات : 9221

السؤال

أنا وكيل لورثة ، وقمت ببيع مزرعة الورثة حسب طلبهم لسداد الديون التي بذمة والدهم ، وتوزيع ما تبقى عليهم ، تم التفاوض قبل البيع واستمر إلى ما بعد البيع مع أحد وكلاء الدائنين لتخفيض الدين من 7 مليونا إلى 5 مليونا ، وقد قبل ، وقبض 5 مليونا بعد بيع المزرعة ، لكن لم يكن لديه الوكالة التي تخوله إثبات التنازل في المحكمة ، وقد حصل على الوكالة بعد سنة ونصف من قبض المبلغ والتنازل الشفهي ، وكان مبلغ 2 مليونا في حساب الوكيل خلال مدة السنة ونصف بالإضافة الى مبالغ مرصودة لسداد ديون أخرى لم يتم سدادها ، نظرا لعدم إكتمال أوراق الدائنين أو ورثتهم الثبوتية . السؤال: هل على هذا المبلغ (2 مليون) المتنازل عنه والمبالغ الأخرى المرصودة لسداد الديون زكاة ؟

ملخص الجواب

ملخص الجواب :   لا زكاة في هذين المليونين ، ولا في المبالغ المورثة التي لم تنتقل إلى ملك الورثة لأسباب خارجة عنهم.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا تجب الزكاة في المبلغ المذكور؛ لوجهين:

الأول: عدم إمكان التصرف فيه، لكونه محجوزا في حساب وكيل الدائنين، والمال الذي لا يستطيع صاحبه التصرف فيه : لا زكاة فيه عند جماعة من الفقهاء ، وهو الراجح .

وفي "الموسوعة الفقهية" (23/ 237):

" مال الضمار: وهو كل مال مالكه غير قادر على الانتفاع به لكون يده ليست عليه :

فمذهب أبي حنيفة، وصاحبيه، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة : أنه لا زكاة عليه فيه، كالبعير الضال، والمال المفقود، والمال الساقط في البحر، والمال الذي أخذه السلطان مصادرة، والدين المجحود إذا لم يكن للمالك بينة، والمال المغصوب الذي لا يقدر صاحبه على أخذه، والمسروق الذي لا يدري من سرقه، والمال المدفون في الصحراء إذا خفي على المالك مكانه...

واحتجوا بما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ليس في مال الضمار زكاة

ولأن المال إذا لم يكن الانتفاع به ، والتصرف فيه مقدورا : لا يكون المالك به غنيا ... " انتهى.

والثاني: ما ذهب إليه المالكية من أن المال الموروث لا زكاة فيه حتى يقبضه الورثة.

جاء في الموسوعة الفقهية (23/ 237):

" والمال الموروث : صرح المالكية بأنه لا زكاة فيه إلا بعد قبضه، يستقبل به الوارث حولا، ولو كان قد أقام سنين، وسواء علم الوارث به أو لم يعلم" انتهى.

والجمهور على أن المال الموروث يبدأ حوله من موت المورث ، وانتقال المال إلى الورثة، ولو لم يقبضوه.

ولكن نظرا لعدم تمكن الورثة من الانتفاع بهذا المال وقسمته ، فالذي يظهر أنه لا زكاة فيها عن الفترة الماضية، حتى لو قيل بمذهب الجمهور، وينظر: جواب السؤال رقم (196707).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/ 179): " توفي والدي يرحمه الله، وقد خلف من ضمن تركته بعض المبالغ النقدية المودعة في البنوك، وحيث إن قسمة هذه المبالغ على الورثة لم يتم إلا بعد مرور أكثر من عامين من وفاة مورثنا؛ لأسباب: منها البعض خارج عن الإرادة، والأخرى تعود إلى تواجد بعض الورثة في خارج البلاد، وتأخرهم في توكيل من يلزم لمراجعة المحكمة، وتلك البنوك للبت في موضوع القسمة.

الأسئلة

1- إن المبالغ المذكورة أعلاه لم تخرج زكاتها منذ وفاة والدنا يرحمه الله، حيث إنه دار عليها حولان كاملان ويزيد عن ذلك قليل، فهل يجب إخراجها على حصص الورثة مجتمعة

أو لكل حصة على حدة، وما مقدارها؟ " .

وكان الجواب :

" إذا كان الواقع كما ذكر : فإن الزكاة لا تجب في مال موَرِّثكم في السنتين اللتين لم تقسم فيهما التركة؛ لعدم تمكن كل واحد من حيازة نصيبه ، لأسباب خارجة عن إرادة الورثة، وبُعد بعض الورثة وتفرقهم، مما كان سببا في تأخر قسمة التركة كما ذكر، فصار نصيب كل وارث في حكم المال غير المستقر . ومن شروط وجوب الزكاة: استقرار الملك .

فإذا قبض كل وارث نصيبه من مورثه ، وحال عليه الحول ، وبلغ نصابا : فإنه يجب أن يخرج زكاته ربع العشر" .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.

والحاصل : أنه لا زكاة في هذين المليونين ، ولا في المبالغ المورثة التي لم تنتقل إلى ملك الورثة لأسباب خارجة عنهم.

ثانيا:

المبالغ المرصودة لسداد دين المتوفى، والتي لم يتم سدادها نظرا لعدم اكتمال أوراق الدائنين أو ورثتهم الثبوتية : يجري فيها الخلاف السابق بين المالكية والجمهور؛ لأن الورثة لم يقبضوها في الحقيقة، ويجري فيها خلاف آخر ، وهو : متى تنتقل التركة المدينة إلى الورثة؟ هل من الموت أو من تصفيتها من الدين؟

قال الدكتور أحمد حجي الكردي حفظه الله:

" فإذا كانت التركة مدينة، فقد اختلف الفقهاء في وقت انتقالها إلى الوارث على مذهبين:

* فذهب الشافعية، والحنبلية في المشهور عنهم، إلى أنها تنتقل إلى الوارث بالموت مباشرة، مثقلة بالدين الذي عليها.

* وذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية، والمالكية، وبعض الحنبلية، إلى أنها إن كانت مستغرقة بالدين، لم تنتقل لوارث حتى توفى الديون كلها، ومنها تجهيز الميت وتكفينه، وهي من تاريخ الوفاة إلى تاريخ السداد على ذمة الميت، ذلك أن ذمة الميت قائمة عندهم حكماً ، حتى تصفى التركة، فإذا سددت الديون، انتقلت إلى الورثة من تاريخ السداد، تحقيقاً لمبدأ (لا تركة قبل سداد الديون).

فإذا لم تكن التركة مستغرقَة بالدين، انتقل منها إلى الورثة بمجرد الوفاة مقدار ما يخلو عن الدين منها، ويبقى على ذمة الميت ما يقابل الدين، فإذا كان الدين يشغل ربعها مثلا، انتقل إلى الورثة بالوفاة ثلاثة أرباع التركة، ويبقى الربع على ذمة الميت مشغولاً بالدين، وهكذا....

مع الإشارة إلى أن حق الدائنين في هذه الحال ثابت في جزء شائع في التركة، فإذا تلف من التركة قبل سداد الدين جزء، انتقل حقهم إلى جزء آخر يساويه، ولو استغرق هذا كل التركة".

ثم قال في زكاة المال الموروث:

" أرى رجحان ما يلي:

لا تجب الزكاة في الأموال الموروثة مطلقا ، قبل أن يقبضها الوارث ويتمكن من التصرف فيها، ولو مضى عليها سنون، مهما كان نوعها، لأنها في نظري بمثابة المال الضائع (الضمار) الذي لا يمكن لصاحبه التصرف فيه، ولا يدري متى يجده .

وبخاصة إذا كان على التركة ديون أو وصايا أو حقوق تحتاج في إثباتها إلى قضاء، سيما أن الحنفية-كما تقدم- يقولون بعدم انتقال التركة إلى الورثة أصلا قبل تصفيتها من الديون والحقوق التي عليها" انتهى من:

http://www.islamic-fatwa.com/library/article/764

وهذا القول هو الأظهر أيضا فيما يتعلق بالأموال المرصودة لسداد دين المتوفى، والتي لم ينتفع بها الورثة، فلا زكاة في هذه الأموال، فهي في ملكهم من حيث الصورة، لكن مآلها إلى غيرهم، هذا إن قلنا إنها دخلت في ملكهم بموت مورثهم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب