الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

حول استيعاب كتاب الشيخ مقبل " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين" للأحاديث الصحيحة غير ما في الصحيحين

267974

تاريخ النشر : 03-02-2018

المشاهدات : 12784

السؤال

كتاب الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ هل فيه جميع الأحاديث الصحيحة التي ليست في صحيحي البخاري ومسلم؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

كل عالم صنف كتابا في الحديث يشترط لكتابه شرطا أو شروطا يلتزمها في الأحاديث التي يرويها أو يجمعها في كتابه .

وأهل العلم في ذلك أصناف :

فمنهم من يضع شروطا شديدة كالإمام البخاري رحمه الله .

ومنهم من يتساهل كالإمام الحاكم رحمه الله في مستدركه ، وغيره من أهل العلم .

هذا ولم يدّع أحد من أهل الحديث أنه جمع كل الأحاديث الصحيحة ، بل يجمع ما تيسر له ، ويفوته الكثير مما هو على شرطه ، فضلا عما لم يكن على شرطه .

وهذا هو الإمام البخاري مع جلالته في علم الحديث ، وشدة شرطه في كتابه الصحيح ، وتلميذه الإمام مسلم وكتابه الصحيح أيضا ، إلا أن أهل العلم استدركوا عليهما أحاديث على شرطهما أو على شرط أحدهما ولم يخرجاه ، مثل الإمام الحاكم في كتابه "المستدرك على الصحيحين" ، ومثل الإمام الدارقطني في كتابه "الإلزامات " .

ثانيا :

وأما كتاب الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ، والمعروف باسم "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" ، فهو كتاب عظيم النفع في بابه ، حيث أنه انتقى من كتب السنة (1658) حديثا ، ثم زاد عليها ثمانين حديثا أخرى في الطبعة الأخيرة ، من الأحاديث الصحيحة وفق الشروط التي وضعها لكتابه هذا .

وقد تشدد الشيخ في شرطه في كتابه ، فقال كما في "مقدمة كتاب الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (1/15) :" ولكن شرطي فيه شديد" . انتهى

وقد بين هذه الشدة في شرطه فقال في "المقدمة" (1/15) :" فإني إذا أردت أن أكتب الحديث انظر "تحفة الأشراف"  هل اختلف في رفع الحديث ووقفه أو وصله وانقطاعه ؟ فإن ترجح لي الرفع كتبته .

وهكذا انظر في كتب العلل إذا كان الحديث معللا بعلة قادحة تركته ، وإذا شككت في الحديث تركته ". انتهى

فهاهنا نص على أنه إذا شك في كون الحديث معللا تركه ولم يذكره .

وقال أيضا (1/24):" ومنها أن يكون التابعي مكثرا ، والصحابي مكثرا أيضا ، ولم يصرح بالتحديث عن ذلك الصحابي ، ولم يخرج له الشيخان عنه ، فهذا مما أتوقف فيه ، وإن لم يكن التابعي ممن قيل فيه يرسل .

ولا يقال إن عنعنة غير المدلس مقبولة ، فإنه مقيد بما إذا قد سمع منه ؛ فعنعنة غير المدلس ، عمن سمع منه : محمولة على السماع ". انتهى

وهذا شرط شديد جدا ، حيث لا يشترط في صحة حديث الراوي على قول جماهير أهل العلم سوى المعاصرة مع إمكان اللقي والبراءة من التدليس .

قال الإمام مسلم في "مقدمة صحيحه" (1/29) :" وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ ثِقَةٍ رَوَى عَنْ مِثْلِهِ حَدِيثًا ، وَجَائِزٌ مُمْكِنٌ لَهُ لِقَاؤُهُ وَالسَّمَاعُ مِنْهُ لِكَوْنِهِمَا جَمِيعًا كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا وَلَا تَشَافَهَا بِكَلَامٍ فَالرِّوَايَةُ ثَابِتَةٌ ، وَالْحُجَّةُ بِهَا لَازِمَةٌ ، إِلَّا أَنَّ يَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا الرَّاوِي لَمْ يَلْقَ مَنْ رَوَى عَنْهُ ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَأَمَّا وَالْأَمْرُ مُبْهَمٌ عَلَى الْإِمْكَانِ الَّذِي فَسَّرْنَا ، فَالرِّوَايَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَبَدًا حَتَّى تَكُونَ الدَّلَالَةُ الَّتِي بَيَّنَّا ". انتهى

ولما كان هذا شرطه في كتابه ، فقد خرج عن الكتاب : كثير من الأحاديث الصحيحة المقبولة على قول جماهير أهل العلم .

ولذا ، فإنه بعد صدور الطبعة الرابعة من كتابه كان قد استقرأ السنن الأربعة ومسند أحمد ، ومع ذلك فلم يصح منها على شرطه إلا هذا العدد .

وهناك الكثير من الأحاديث صححها المحققون من أهل العلم في السنن الأربعة ، ومسند الإمام أحمد ومع ذلك لم يذكرها الشيخ مقبل في كتابه

وعلى سبيل المثال : هذا حديث أخرجه النسائي في "سننه" (166) من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ:( ِإنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي وَإِنِّي لَمُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ ) .

والحديث صححه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/229) ، والشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (3/296) ، ولم يذكره الشيخ مقبل في كتابه .

وهذا كتاب "سنن أبي داود" بلغت أحاديثه (5274) ، قد صحح الشيخ الألباني منها (2393) حديثا ، أي أكثر من جميع أحاديث كتاب الشيخ مقبل "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" .

وعلى هذا نقول : أن الشيخ مقبل رحمه الله لم يستوعب الأحاديث الصحيحة في كتابة "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" ، بل فاته الكثير من الأحاديث الصحيحة ، وذلك لشدة شرطه في كتابه . 

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب