الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

هل تسن الاستخارة في مسجد قباء ، وهل لها مزية فيه عن غيره؟

271521

تاريخ النشر : 13-03-2018

المشاهدات : 4327

السؤال

إذا ثبت حديث ركوب الرسول صلى الله عليه وسلم لمسجد قباء للإستخارة في ميراث العمة والخالة ، فهل يقال : إن الإستخارة في مسجد قباء لها مزية وفضل ؟ وهل هي سنة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الحديث الوارد في ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسجد قباء ، وأداءه صلاة الاستخارة هناك في ميراث العمة والخالة : حديث ضعيف لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والحديث مداره على عبد العزيز بن محمد الدراوردي .

وقد اختلف عليه فيه ؛ فرواه مرة متصلا ، ومرة مرسلا ، والراجح فيه أنه مرسل ، والمرسل ضعيف .

فأما الطريق المتصل ، فأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/141) ، من طريق مُحَمَّد بْن الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ ، قال حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ ، قال حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ .

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (7998) ، من طريق ضِرَار بْن صُرَدَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ .

كلاهما ( صفوان بن سليم ، وزيد بن أسلم ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا إِلَى قُبَاءَ يَسْتَخْيرُ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُمَا ) .

وإسناده ضعيف .

أما طريق الطبراني : ففيه : " محمد بن الحارث بن سفيان المخزومي " ، مجهول ، ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (1/65) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7/230) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ، وقال فيه ابن حجر في "تقريب التهذيب" (5798) :" مقبول " انتهى .

وأما طريق الحاكم : ففيه " ضرار بن صرد " : اتهمه ابن معين بالكذب كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4/465) ، وقال النسائي في "الضعفاء والمتروكين" (ص196) :" متروك الحديث ". انتهى

وهذا الطريق ضعفه ابن الملقن في "البدر المنير" (7/201) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (1392) .

وأما الطريق المرسل :

فأخرجه أبو داود في "المراسيل" (361) ، من طريق عبد الله بن مسلمة .

والدارقطني في "السنن" (4/98) ، من طريق أبي الجماهر .

كلاهما ( عبد الله بن مسلمة ، أبو الجماهر ) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار :( أن النبي صلى الله عليه و سلم ركب إلى قباء ، يستخير في ميراث العمة والخالة ، فأنزل الله : أن لا ميراث لهما ).

وقول عبد الله بن مسلمة  - وهو ثقة حجة - ، وأبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي - وهو ثقة - ، هو الصحيح ، ولذا فالراجح أنه مرسل.

ثانيا :

وأما عن حكم تخصيص مسجد قباء بصلاة الاستخارة فيه ، فلا يشرع مثل ذلك ، لما يلي :

أولا : ضعف الحديث كما تقدم .

ثانيا : لم نقف على أثر عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه كان يخص مسجد قباء بصلاة الاستخارة . وهذا أيضا مما يؤكد عدم ثبوت السنة بذلك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

هذا وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يذهب إلى مسجد قباء كل سبت ، راكبا أو ماشيا ، فيصلي فيه ركعتين ، ولم يقيد ذلك باسختارة ولا غيرها . 

كما رواه البخاري في "صحيحه" (1193) ، ومسلم في "صحيحه" (1399) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ:( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا ). زاد مسلم :( فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ) .

وكذلك صح عنه : أن الصلاة في مسجد قباء تعدل عمرة ، ومن ذلك :

وما رواه الإمام أحمد في "مسنده" (15981) ، من حديث سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ - يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ - فَيُصَلِّيَ فِيهِ كَانَ كَعَدْلِ عُمْرَةٍ ).

والحديث صحيح ، صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3446) .

وما رواه الترمذي في "سننه" (324) ، من حديث أُسَيْد بْن ظُهَيْرٍ الأَنْصَارِيَّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( الصَّلاَةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ كَعُمْرَةٍ ).

والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1159) .

فعلى هذا : من قصد مسجد قباء لأجل الصلاة فيه ، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : كان فعله مشروعا مستحبا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب