الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

حكم شراء مقبرة من الزكاة للضرورة

278842

تاريخ النشر : 04-03-2018

المشاهدات : 5980

السؤال

نحن في تايوان نواجه صعوبة في شراء المقبرة ؛ لأن مسلمي تايوان أغلبهم فقراء لا يستطيع أحدهم أن يدفع المبلغ ، وهو أربعمائة ألف تايوان لمقبرة واحدة دفعة واحدة ، والذي يساوي عشرة آلاف دولار أمريكي وزيادة . والسؤال : هل يجوز للجمعية الإسلامية لتايوان تجميع تبرعات من المسلمين من داخل أو من خارج البلاد ، وفيها مال الصدقة ، ومال الزكاة ويشتري بها المقابر للمسلمين ؟ مع إن مال الزكاة لا يجوز صرفها في غير الأصناف الثمانية التي بينها الله تعالى في كتابه ؟ وبعضهم قال : بالجواز للضرورة ، واحتج بدليل الضرورة يبيح المحظورات ، فهل هذا صحيح أم لا ؟ فقانون تايوان إذا لم يوجد عندك مقبرة يحرق الميت بثمن أرخص ، وعليك أن تأخذ رماد الميت معك .

الجواب

الحمد لله.

يجوز للجمعية الخيرية أن تجمع مالا من الوقف والصدقة لشراء مقابر للمسلمين؛ لأن ذلك من أعمال الخير والبر، لا سيما مع حاجة المسلمين.

وأما شراؤها من مال الزكاة، فالأصل منعه؛ لأنه لا يدخل في الأصناف الثمانية عند جمهور الفقهاء.

قال "البهوتي" رحمه الله في "كشاف القناع" (2/271) : "أهل الزكاة ... ثمانية أصناف ، لا يجوز صرفها إلى غيرهم ، كبناء المساجد والقناط، وسد البثوق، وتكفين الموتى ، ووقف المصاحف ، وغير ذلك من جهات الخير؛ لقوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل [التوبة: 60] وكلمة " إنما " تفيد الحصر، أي تثبت المذكورين وتنفي ما عداهم، وكذلك تعريف الصدقات بأل، فإنها تستغرقها، فلو جاز صرف شيء إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لا كلها " انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولا حجة لمن قال إن قوله : (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) يشمل كل أعمال الخير ، لأن "سبيل الله" هو الطريق الموصل إليه .

نقول : هذا خطأ ، أولاً : لأن الله ذكرها في باطن أشياء معينة ، يعني لو كانت في الآخر لقلنا : تعميم بعد تخصيص ، أو في الأول لقلنا : تخصيص بعد تعميم ، أما أن يذكرها في جوف المستحقين ويقول : "وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ" ، فهذا يدل على أن المراد : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) : شيء خاص ، وهو الجهاد في سبيل الله .

وأيضاً لو قلنا : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) : عام لكل خير ، لكان ذكر الحصر لغواً لا فائدة منه " . انتهى من "شرح الكافي" .

ولكن إذا لم يكف المال الوقف والصدقة، وكان الميت يُعَرَّض للحرق ، إذا لم توجد مقبرة : فلا حرج حينئذ من إدخال مال الزكاة في شراء مقابر عامة لفقراء المسلمين ، أو ما يسمى بمقابر الصدقة، عملا بالقول المرجوح من أن مصرف "في سبيل الله" يعم أبواب الخير.

والقول المرجوح، من خلاف أهل العلم المعتبرين: يجوز العمل به ، إذا كان ذلك لمصلحة دينية .

قال ابن رجب رحمه الله : "  وقد ينزل القول الراجح المجتهد فيه الى غيره من الأقوال المرجوحة اذا كان في الافتاء بالقول الراجح مفسده " انتهى من "الاستخراج لأحكام الخراج" (89) .

وقال السبكي رحمه الله : "إذا قصد المفتي الأخذ بالقول المرجوح مصلحة دينية جاز" انتهى، نقلا عن : "العمل بالقول المرجوح في المعاملات المالية المعاصرة" ، د. عبد الكريم الماضي ، بحث منشور في "المجلة الأردنية للدراسات الإسلامية" ، مج13 ع 2.

وينظر أيضا للفائدة : "الأخذ بالأقوال المرجوحة" ، د. أحمد بن صالح البراك .

وقد سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: "هل من مصارف الزكاة بناء المدارس وبناء خلاوي تحفيظ القرآن وبناء المستوصفات ودار الأيتام ؟

الجواب: لا يصرف عليها من الزكاة ، إلا عند تعطلها واشتداد الحاجة إلى بنائها، وعدم وجود تبرعات من جهات أخرى : إذا كانت تلك المدارس إسلامية، وتلك المستوصفات لعلاج المسلمين" انتهى من موقع الشيخ:

http://ibn-jebreen.com/?t=books&cat=6&book=28&page=1258

وعلى ذلك :

فالواجب عليكم : بذل الوسع والجهد لجمع هذه التبرعات من الصدقات والأوقاف ، وحث الناس على ذلك ، وكل يتصدق بما تيسر له ولو كان قليلا .

ويمكنكم مراسلة الجمعيات الخيرية الإسلامية الموثوقة والمعروفة بدعمها للمسلمين في العالم ، فقد تجدون عندهم من يتبرع لكم بشراء هذه المقبرة .

فإن ضاق الأمر ، ولم تجدوا إلا شراءها من أموال الزكاة ، أو أموال التبرعات العامة ، التي اختلطت فيه الزكوات المفروضة ، بالصدقات والتطوعات ، على وجه يمكن تمييز الفرض من النفل فيه ، أو ضاق مال التطوع ، ولم يكف لسد هذه الحاجة : فلا حرج عليكم أن تأخذوا من مال الزكاة ، لهذا الغرض ، إن شاء الله ، بقدر ما تسد به حاجة المسلمين ، وترفع عنهم هذه الحاجة النازلة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب