الحمد لله.
أولا:
ما أنفقه أخواك عليك من الراتب التقاعدي لوالدتك أو لوالدك، أو من مال آخر للوالدين، لا يحق لهما مطالبتك بشيء منه، وهذا واضح.
ثانيا:
ما أنفقه أخوك الأكبر عليك من ماله الخاص فيه تفصيل:
1-فإن كان والدك معسرا عاجزا عن النفقة، وكان أخوك موسرا، فإنه يلزمه النفقة على أبيه ، وعلى عياله الصغار ، ومن تلزم الأبَ نفقتهم .
فإن كان قد فعل ذلك : فليس له مطالبتك بشيء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وعلى الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر ، وزوجة أبيه ، وعلى إخوته الصغار" انتهى من الاختيارات، ص409
2-وإن كان والدك موسرا: لم تجب نفقته على أخيك، ولم تجب نفقتك عليه أيضا ، لأنه لا يرثك لو مت.
وحينئذ إن أنفق عليك، فإن كان للصلة، فليس له الآن المطالبة بشيء.
ولو وقع خلاف، فقال المنفَق عليه: كان هذا صلة، وقال المنفِق أردت الرجوع، فإن القول قول المنفق بيمينه.
قال الدردير في الشرح الكبير (2/ 518): " (و) رجع المنفق (على الصغير إن كان) حين الإنفاق (له مال) أو أب موسر (علمه المنفِق. وحلف أنه أنفق ليرجع) إلا أن يكون أشهد فلا يمين.
فإن لم يكن للولد مال حين الإنفاق : لم يرجع" انتهى.
قال الدسوقي في حاشيته: " فإذا ادعى المنفق عليه أن الإنفاق صلة، وادعى المنفِق أنه لم يقصد صلة ، بل قصد الرجوع، أو لم يقصد شيئا، فالقول قول المنفِق بيمين، زوجة أو غيرها، فيحلف أنه أنفق ليرجع، أو أنه أنفق ولم يقصد صلة.
ومحل حلفه ما لم يكن أشهد حين الإنفاق أنه أنفق ليرجع، وإلا فلا يمين" انتهى.
وينبغي أن يعلم أن القرائن هنا معتبرة، فإذا دلت القرائن على أن الإنفاق كان للصلة، كسكوته عن المطالبة مدة طويلة، وعدم توجيهك لتأخذ المال من أبيك الموسر، فلا يلتفت لقوله الآن: أنفقت بنية الرجوع والمطالبة.
قال الخرشي (4/ 196): " إلا لصلة، فلا رجوع لها بما أنفقت على زوجها، أو على أجنبي، أو أنفقه أجنبي غيرها على أجنبي".
قال العدوي في حاشيته: " (تنبيه) : يعرف كونه لصلة بالقرائن، فتدبر" انتهى.
وهذا كله على فرض أن أباك كان موسرا، حين النفقة .
وأما إن كان معسرا، فإنفاق أخيك عليك واجب كما تقدم.
واعلم أنه في حال جواز أن يرجع بالنفقة، فإنما يرجع على أبيك ، وليس عليك .
فلست مطالبا أن تدفع له شيئا ، على كل حال .
والظاهر أن الحامل له على ذلك : هو خلاف بينك وبينه، ولهذا لم تذكر شيئا عن موقف الأخ الآخر.
والنصيحة لكم أن تصلحوا ما بينكم، وأن تراعوا الرحم والقرابة، فإن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة.
وإذا كنت مستطيعا للحج فبادر به، فإن الحج واجب على الفور عند كثير من الفقهاء.
والله أعلم.
تعليق