الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

النهي عن التنفس في الإناء هل يشمل من كان له كأس يخصه؟

100204

تاريخ النشر : 11-07-2007

المشاهدات : 131943

السؤال

هناك حديث يمنع من التنفس في الإناء؛ هل يمكن أن تشرح لي المقصود من هذا الحديث؟ هل يقصد الحديث المرء الذي يشرب من كوبه الخاص أم الحديث أعمّ من ذلك بمعنى أنه لا يجوز للمرء النفخ في أي إناء سواء خاصا به هو أو بغيره ممن قد يشربون منه غيره أو يأكلون فيه؟ أفهم إذن أيضًا أنه لا يجوز النفخ في الشاي لتبريده، أليس كذلك؟

الجواب

الحمد لله.


قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء ) رواه البخاري(149) ومسلم(3780) ، وفي هذا الحديث نهي للشارب أن يتنفس في الإناء الذي يشرب منه ، سواء انفرد بالشرب من هذا الإناء ، أو شاركه فيه غيره ، وهذا من مكارم الأخلاق التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، لتترقى في مدارج الكمال الإنساني .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : "وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة ، إذ قد يخرج مع النَّفَس بصاق أو مخاط أو بخار ردئ فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره من شربه" انتهى .
إذاً لا يختص بهذا الأدب من كان يشاركه في الإناء غيره ، بل المنفرد بالإناء كذلك ، فإنه لوقع في الشراب أو الطعام شيء مما يُستقذر فإنه سيستقذره ، وإن كان من نفسه.
وأما النفخ في الإناء فقد وردت فيه أحاديث بالنهي عنه ، منها : ما رواه الترمذي (1810) وأبو داود (3240) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه ) وصححه الألبانيفي "صحيح الجامع " (6820).
قال الشوكاني في" نيل الأوطار "(8/221) عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم : (أو ينفخ فيه) قال : "أي في الإناء الذي يشرب منه ، والإناء يشمل إناء الطعام والشراب، فلا ينفخ في الإناء ليذهب ما في الماء من قذارة ونحوها ، فإنه لا يخلو النفخ غالباً من بزاق يستقذر منه ، وكذا لا ينفخ في الإناء لتبريد الطعام الحار ، بل يصبر إلى أن يبرد ، ولا يأكله حاراً ، فإن البركة تذهب منه ، وهو شراب أهل النار" انتهى .
وقال العلامة المناوي رحمه الله في "فيض القدير "(6/346) :"والنفخ في الطعام الحار يدل على العجلة الدالة على الشَّرَه وعدم الصبر وقلة المروءة" انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله : " والنفخ أشد من التنفس" .
وهذا النهي عن الأمرين للكراهة ، فمن فعلهما أو أحدهما لا يأثم إلا أنه قد فاته أجر امتثال هذه التوجيهات النبوية، كما فاته أيضاً التأدب بهذا الأدب الرفيع الذي تحبه وترضاه النفوس الكاملة، قال العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في " الآداب الشرعية "(3/167) : " يكره نفخ الطعام والشراب ، وحكمة ذلك تقتضي التسوية ، ولذلك سوى الشارع بين النفخ والتنفس فيه" انتهى.
وإذا كانت هناك حاجة تدعو إلى النفخ في الطعام أو الشراب لتبريده ، وكان يحتاج إلى أن يأكل أو يشرب ويشق عليه أن ينتظره ليبرد ، فإن الكراهة تزول حينئذ كما صرح بذلك بعض أهل العلم، قال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (8/328) : " قال الآمدي : لا يكره النفخ في الطعام إذا كان حاراً . قلت (المرداوي) وهو الصواب ، إن كان ثَمَّ حاجة إلى الأكل حينئذ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" : " إلا أن بعض العلماء استثنى من ذلك ما دعت إليه الحاجة ، كما لو كان الشراب حاراً ويحتاج إلى السرعة ، فرخص في هذا بعض العلماء، ولكن الأولى أن لا ينفخ حتى لو كان حاراً؛ إذا كان حاراً وعنده إناء آخر فإنه يصبه في الإناء ثم يعيده ثانية حتى يبرد" انتهى.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب