الحمد لله.
أولاً:
نأسف أشد الأسف ، ونحزن غاية الحزن أن يكون واقع القرى والمدن السياحية في كثير من بلاد المسلمين هو ما يُرى ويُسمع من حالها ، فلا تكاد معصية ولا منكر لا يوجد بها ، وكل ذلك بحماية الدولة ورعايتها ، وليعلم القائمون على تلك القرى والمدن أنهم آثمون ، وأن كل منكر يُفعل في تلك المدن والقرى فإنهم شركاء مع فاعله في الإثم ، وكذا من حماها ورعاها وأعان على وجودها واستمرارها .
ثانياً:
العمل في تلك المدن والقرى السياحية لا يخلو – غالباً – من حالين :
الأولى : أن يكون العمل في تخطيطها ، وإنشائها ، وعمارتها ، وصيانتها ، وحراستها .
والثانية : أن يعمل المسلم فيها بائعاً في بقالة ، أو موظفاً في دائرة ، أو طبيباً في عيادة .
1. أما حكم أصحاب الحال الأولى : فإنه لا ينبغي التردد في حرمة تلك الأفعال ، ودخول صاحبها في إيجاد المنكر وأماكن اللهو المحرَّم ، وهم شركاء فيما يكون فيها من منكرات وآثام ، وهو – أيضاً – من التعاون على الإثم والعدوان .
وقد سبق بيان تحريم ذلك في جواب السؤال رقم (112024) .
2. وأما حكم الحال الثانية : فهؤلاء وإن لم يكونوا سبباً في إيجادها : فإنهم سبب في استمرارها وقيامها بالمهام التي أنشئت من أجلها ، فلولا هؤلاء لما استمرت تلك المدن والقرى السياحية ؛ لأن روادها بحاجة لخدمات ليستمروا في لهوهم ومعاصيهم ، فوجود البقَّال ، والطبيب ، ومحلات صيانة الأجهزة ، ومحلات غسل الملابس وكيها ، وغير ذلك ، مما يعين هؤلاء على معاصيهم.
وهؤلاء - بالإضافة إلى كونهم سبباً في استمرار تلك القرى والمدن في أعمالها - فإنهم لا ينفكون عن رؤية المحرمات ، من التبرج ، والسفور ، وشرب الخمور ، وغير ذلك من المنكرات .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 82402 ) بيان حكم العمل في مجال السياحة .
ثالثاً : نجيب على أسئلتك كلٌّ على حدة كما طلبت .
أما الإقامة في هذه المدن ، فإن كانت لمشاركة أو معاونة لأهلها . فلا شك أنها حرام ، لقول الله تعالى : (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
وإن كانت الإقامة لعمل مباح كعلاج المرضى ، أو البيع في محلات البقالة أو غسيل الثياب ونحو ذلك ، فلا يخلو هذا العمل من محرم أيضاً ، لأن فيه إعانة لهؤلاء العصاة على معصيتهم ، وتسهيل المعصية لهم .
وأيضاً : لا يخلو المقيم في هذه الأماكن من رؤية المحرمات ، فهل سينكرها وينكر على أهلها؟ أم يسكت ، وقد يرضى بفعلهم .
وأما العمل في هذه المدن ، فقد سبق الجواب عليه في النقطة السابقة .
وأما المال الذي تحصل عليه من شركات التأمين ، فالتأمين التجاري بجميع صوره محرم ، وهذا التحريم إنما هو للمتعاقدين (المؤمِّن ، والشركة المؤمنة عليه) .
أما الطرف الثالث الذي يأخذ أجره من شركة التأمين ، فالذي يظهر أن أجره حلال له ، ولكن سبق أن هذا العمل فيه إشكال من وجه آخر وهو معاونة العصاة على معاصيهم .
والخلاصة :
نرى أن الله قد أكرمك بعمل شريف ، وهو علاج المرضى ، ونرى حرصك على تحري الحلال ، فلا نظن فيك إلا خيراً ، وهذه الأماكن المنكرة لا تليق بأهل الفضل والخير ؛ لما فيها من فتن ومنكرات ، والنفس ضعيفة لا تحتمل رؤيتها إلا مع فتنة ونقص إيمان ، فلا نرى عملك في ذلك المكان لائقاً بك ، فدعه لله ، واحتسب تركه لله عز وجل ، ونسأل الله أن يعوضك خيراً منه .
والله أعلم
تعليق