الخميس 11 جمادى الآخرة 1446 - 12 ديسمبر 2024
العربية

يسأل عن أفضل الأدعية لطلب الجنة والاستعاذة من النار

109800

تاريخ النشر : 02-05-2011

المشاهدات : 67489

السؤال

هناك العديد من الأدعية الجيدة ، لكننا نريد أن نعرف أفضل الأدعية ، كسيد الاستغفار مثلا ، هو أفضل الأدعية للاستغفار ، فما هو أفضل الأدعية لترجّي الجنة من الله والاستعاذة به من النار ؟ أظن أنه الدعاء التالي : (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، المنان ، يا بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار) النسائي وأبو داود . هل هناك أفضل من هذا الدعاء لطلب الجنة والاستعاذة من النار ؟

الجواب

الحمد لله.


سؤال الله الجنة والاستعاذة به من النار له صيغ كثيرة ، يمكن للمسلم أن يدعو بها بأي عبارة شاء ، وبأي لغة كان ، ومن الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بها في ذلك : ما رواه ابن ماجه (3846) عَنْ عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاء: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَم،ْ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَم، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّك، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَل، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَل،ٍ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1542) .
والتوسل باسم الله الأعظم أرجى للإجابة ، وأقرب للقبول من الله سبحانه وتعالى .
وهذه مجموعة من الأدعية التي جاء النص من النبي صلى الله عليه وسلم على أنها أرجى للإجابة من غيرها :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا فِي الْحَلْقَةِ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَلَمَّا رَكَعَ وَسَجَدَ فَتَشَهَّدَ ، ثُمَّ قَالَ فِي دُعَائِهِ :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ ، بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، الْمَنَّانُ ، يَا بَدِيعَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، إِنِّي أَسْأَلُكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَتَدْرُونَ بِمَ دَعَا اللَّهَ ؟
فَقَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) .
رواه أحمد (3/245) وأبو داود (1495) وصححه الألباني في "صفة الصلاة" (ص/186) .
وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ :
( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ) .
رواه الترمذي (3475) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (6/433) :
" ولهذا كان مستحبا في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله والثناء عليه بين يدي حاجته ، ثم يسأل حاجته ، كما جاء في حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لقد عَجِل هذا) ، ثم دعاه فقال له أو لغيره : (إذا صلى أحدكم ، فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو بما شاء) رواه الإمام أحمد والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر ، وأنه اسم الله الأعظم ، فكان ذكر الله والثناء عليه أنجح ما سأل به حوائجه ، فهذا من فوائد الذكر ، وهو أنه يجعل الدعاء مستجابا ، فلهذا قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا ) ، فالدعاء الذي يتقدمه الذكر والثناء أقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد ، فإن انضاف إلى ذلك إخبار العبد بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل ، فإنه يكون قد توسل إلى المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله ، وعرض بل صرح بشدة حالته وضرورته وفقره ومسكنته ، فهذا المقتضي منه ، وأوصاف المسؤول مقتضَى منه ، فاجتمع المقتضي من السائل ، والمقتضَى من المسؤول في الدعاء ، فكان أبلغ وألطف موقعا ، وأتم معرفة وعبودية .
وأنت ترى في الشاهد - ولله المثل الأعلى - أن الرجل إذا توسل إلى من يريد معروفه بكرمه وجوده وبره ، وذكر حاجته هو وفقره ومسكنته كان أعطف لقلب المسؤول وأقرب إلى قضاء حاجته من أن يقول له ابتداء أعطني كذا وكذا .
فإذا عرف هذا فتأمل قول موسى عليه السلام : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) ، وقول ذي النون في دعائه : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، وقول أبينا آدم : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) .
وفي الصحيحين أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا رسول الله ! علمني دعاء أدعو به في صلاتي ؟ فقال : (قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) .
فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله ، والتوسل إلى ربه بفضله وجوده ، وأنه المتفرد بغفران الذنوب ، ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معا ، فهكذا آداب الدعاء والعبودية " انتهى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب