الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله أن يثبتك على الحق ، وأن يرزقك علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً متقبَّلاً ، وقد رأينا ذِكر بعض الملاحظات لكِ قبل البدء بنقض شبهات أولئك الرافضة ، فنقول ـ أيتها السائلة الكريمة ـ :
1. ثمة مواقع متخصصة بالفتاوى ، وإجابة السائلين – وموقعنا هذا منها - ، فمراسلة هذه المواقع أنفع لك وأجدى ، وأسرع في حصول المأمول ، فاحرصي – في المستقبل – على مراسلتها لتري جواباً على سؤالك في أسرع وقت إن شاء الله ويسَّر ، وندلك على موقع " الشبكة الإسلامية " فهو من المواقع الموثوقة عندنا .
2. لم يكن ينبغي لك مراسلة المواقع على اختلاف دين أهلها ومناهجهم ؛ فإن من شأن هذا أن يزيد في حيرتك ، ويولِّد لديك شكوكاً في قواعد دينك ، وأصوله ، وهو ما حصل من إجابات ذلك الرافضي ، والتي كان لها أسوأ الأثر عليك بما فيها من انحراف وضلال .
4. ولم يكن جائزاً لك ـ من الأصل ـ الدخول في نقاشات أهل السنة مع الرافضة ، لا كتابة ، ولا صوتاً ؛ وقد حذَّر العلماء – قديماً وحديثاً – من السماع والقراءة لأهل البدع ، والضلال ؛ خشية التأثر بكلامهم ، فضلاً عن عدم جواز الدخول معهم في نقاش وجدال في الشرع ، وإنما يجوز ذلك – وقد يجب أحياناً – على المتخصصين في الشرع ، ممن يعرفون دينهم ، ويعرفون مداخل الشبَه على فرق الضلال تلك .
قال الإمام أحمد - رحمه الله - :
الذي كنَّا نسمع ، وأدركنا عليه مَن أدركنا مِن أهل العلم : أنهم كانوا يكرهون الكلام ، والجلوس ، مع أهل الزيغ , وإنما الأمور في التسليم ، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله ، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا في الجلوس مع أهل البدع ، والزيغ ، لترد عليهم , فإنهم يلبِّسون عليك ، ولا هم يرجعون , فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم ، والخوض معهم في بدعتهم ، وضلالتهم .
" الإبانة الكبرى " لابن بطة (2 / 471 ، 472) .
وقال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني - رحمه الله – في بيان اعتقاد أهل السنَّة والجماعة - :
ويجانبون أهل البدع والضلالات ، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات ، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ، ولا يحبونهم ، ولا يصحبونهم ، ولا يسمعون كلامهم ، ولا يجالسونهم ، ولا يجادلونهم في الدين ، ولا يناظرونهم ، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالأذان ، وقرّتْ في القلوب : ضرَّت ، وجرَّت إليها من الوساوس ، والخطرات الفاسدة ما جرَّت ، وفيه أنزل الله عز وجل قوله : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) الأنعام/ من الآية 68 .
" عقيدة السلف أصحاب الحديث " (ص 99 ، 100) .
وقال الذهبي - رحمه الله :-
أكثر أئمة السلف على هذا التحذير ، يرون أن القلوب ضعيفة ، والشبَه خطَّافة .
" سيَر أعلام النبلاء " (7 / 261) .
وينظر – لمزيد فائدة – جوابي السؤاليْن : (92781) و (96231) .
ثانياً:
الرافضة قومٌ بهت ، كذبوا على الله ، وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعلى آل البيت ، وهم يزعمون تعظيمهم ، فكيف سيَصْدُقون في أعدائهم ، وهم الصحابة رضي الله عنهم ؟! ولذلك كانوا شرَّ أهل الأهواء ، وأضلهم ، بل وأحمقهم ، وهم ـ في حقيقة أمرهم ، وآخر مذهبهم ـ أعداء للدين الذي ينتسبون إليه ؛ إذ لا دين إلا ما نقله أولئك الصحابة ، ولا قرآن إلا ما قرؤوه وأقرؤوه ، ولا سنَّة نبوية إلا ما بلغوها ، وهذا هو الإسلام الذي طعنوا فيه ، وكفروا بتشريعاته بتكفيرهم للصحابة ، وتكذيبهم فيما نقلوه ، ولم يسمِّهم السلف أهل أهواء عبثاً ، بل هو لفظ مطابق لحالهم .
قال الإمام الشعبي – رحمه الله - :
يا مالك – وهو : ابن مغول - إني قد درستُ الأهواء ، فلم أرَ فيها أحمق من " الخشبية " - فلو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً ، ولو كانوا من الدواب لكانوا حُمُراً ، يا مالك لم يدخلوا في الإسلام رغبة فيه لله ، ولا رهبة من الله ، ولكن مقتاً من الله عليهم ، وبغياً منهم على أهل الإسلام ، يريدون أن يغمصوا دين الإسلام كما غمص بولص بن يوشع ـ ملك اليهود ـ دينَ النصرانية ، ولا تجاوز صلاتُهم آذانَهم ، قد حرقهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنار ، ونفاهم من البلاد ، مِنهم : عبد الله بن سبأ ، يهودي من يهود صنعاء ، نفاه إلى ساباط ، وأبو بكر الكروس ، نفاه إلى الجابية ، وحرَّق منهم قوماً أتوه فقالوا : أنت هو ، فقال : من أنا ؟ فقالوا : أنت ربُّنا ، فأمر بنار فأججت ، فأُلقوا فيها ، وفيهم قال علي رضي الله عنه :
لما رأيتُ الأمر أمراً منكرا *** أججتُ ناري ودعوتُ قنبرا
انظري " منهاج السنَّة النبوية " لابن تيمية (1 / 29 ، 30) .
و " الخشبية " هم الرافضة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " كما كانوا يسمَّون " الخشبية " لقولهم : " إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم ، فقاتلوا بالخشب " . " منهاج السنة " (1 / 36) .
واسمعي ما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كما رووه هم في كتاب نهج البلاغة ، الذي يثقون فيه ، ويتلقونه بالقبول ، ويسنبونه إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه ، يقول :
" لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ، فما أرى أحدا يشبههم منكم ؛ لقد كانوا يُصْبحون شُعْثا غُبرا ، وقد باتوا سجدا وقياما ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم ، كأن بين أعينهم ركب المعزى ، من طول سجودهم ، إذا ذكر الله هَملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف ، خوفا من العقاب ، ورجاء للثواب " . انتهى .
نهج البلاغة ، بشرح ابن أبي الحديد (7/77) .
ويقول أيضا :
" أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه ، وقرءوا القرآن فأحكموه ، وهُيِّجوا إلى الجهاد فولِهوا ولَهَ اللِّقاح إلى أولادها ، وسَلبوا السيوف أَغْمادَها ، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا ، وصفا وصفا ، بعضٌ هلك ، وبعضٌ نجا ، لا يبشرون بالأحياء ، ولا يعزون عن الموتى ، مُرْه العيون من البكاء ، خُمص البطون من الصيام ، ذُبل الشفاه من الدعاء ، صفر الألوان من السهر ، على وجوههم غُبرة الخاشعين ، أولئك إخوانى الذاهبون ، فحق لنا أن نظمأ إإليهم ، ونعض الأيدى على فراقهم " . انتهى .
وننصحك بقراءة كتاب : صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم ، للعالم الهندي الكبير : الشيخ أبو الحسن الندوي ، رحمه الله .
وانظري – لمزيد فائدة – أجوبة الأسئلة : (113676) و (1148) و (4569) .
والله أعلم
تعليق