الحمد لله.
أولاً :
تمارين " النظر المغناطيسي " – ويطلق عليه كذلك " النظر الممغنط " - هي إحدى الترهات التي تسوَّق من خلال خديعة الناس وجعلهم يعيشون في أوهام التقدم ، والرقي ، والطاقة الفعَّالة ، وقوة الشخصية ، وغير ذلك مما يعقد لكل فرع منها دورات بآلاف الدنانير .
واعتماد مدَّعي هذه النظرية كان – كالعادة – على كلام لأحدِ كفَّار الغرب ، أو مخرفي الشرق ، وهذا الكلام هو المسطور في كتاب " القوة الفكرية في المغناطيسية الحيوية " تأليف : الأمريكي " وليم ووكر أتكنسون " .
وبالنظر في مقتطفات في الكتاب نجد أنه لا يخرج عن تسويق الأوهام ، والخيالات ، والخرافات ، وهو يرسم الطريق لمن أراد إتقان " التنويم المغناطيسي " وهو ضرب من ضروب الكهانة والدجل ، كما بيناه في جواب السؤال رقم : (12631) .
وقد سوق بعضهم لهذه النظرية على أنها حقيقة علمية لا تقبل النقاش والجدال ، وكعادة هؤلاء فإنهم ينظرون لمخالفيهم نظر ازدراء ، ويتهمونهم بالتخلف ، والناظر لهؤلاء وعلمهم المزعوم يرثي لحالهم ، فبعض أساطين هذه العلوم تخلوا عنها ، وبعضهم اكتشف دجله ، وبعضهم تبين أنه يسوق لعقيدة وثنية ، وكثيرون كان هدفهم المال ، وقد حصلوا عليه بتسويق كتبهم باهظة الثمن ، وعقد الدورات بأغلى الأسعار .
وحتى يتم التسويق لتمارين " النظر المغناطيسي " فلا بد من إيهام المتدرب أنه سيحوز على علم لا يبدله بمال الدنيا ! ولم لا وهو سيؤثر في المخاطَب ، وسيكسبه من طاقته ، أو يسحب منه طاقته ، ويؤثر على عقله ، بل تعدى ذلك إلى التأثير على الحيوانات المفترسة ! فإنها ستفر من أمام من ينظر إليها ممن أكسب عينيه " القوة المغناطيسية " !
وهذه مقتطفات مما جاء في ذلك الكتاب :
1. " وستشعر بالتدريج بلذة هذه الاختبارات عندما تطبقها على الأشخاص الذين يلوذون بك ! ويتحقق لديك أنهم لا يقوون على احتمال حدة نظراتك التي تصوبها إليهم ، ويشعرون ببعض القشعريرة إذا حدجتهم ببصرك بضع دقائق " .
2. وقال :
" ومتى حصلت على هذه النتيجة ، واكتسبت البصر الـممغنط : لن ترغـب في استبداله ، ولا بمال العالم " .
3. وقال :
" ومتى وصلت إلى هذه الدرجة دون أن تغرورق عيناك بالدموع : فتأكد أن نظرك قد حاز على القوة المغنطيسية المطلوبة , وبها تستطيع التأثير على مخاطبك , حتى إن الحيوانات سوف تضطرب من نظراتك ، وتفزع منها ! " .
" تستطيع أيضا أن تجرِّب قوة نظرك في أي حيوان ، وستتحقق من أنه يخشاك ، ويفر من أمامك فزعاً " .
4. ومما في الكتاب من الفجور :
" ولا تقنط من الوصول إلى غرضك ، بل ثابر على العمل فمن لم يخاطر بشيء لا ينال شيئاً ، كما أن القلب الخائف الوجل لا يربح حب المرأة الجميلة ! .
وإذا صدقنا المثل القائل "ما فاز باللذة إلا الجسور" : لوجب علينا أن نعلم أن من الناس من يستسلم بسهولة والبعـض بصعـوبة ، فيجب إذن المثـابرة ، والثبات لنيل المراد .
لا تكتفي بكلمة " كـلا " جواباً على سؤالـك ، بل تمشي في الأفعال ، كما تتمشى مع امرأة جميلة ! تتحبب إليها ، فتتدلل عليك ، وبلا شك أنها كلما تجنبت ورفضـت مبادلتها غرامك : كلما زدت هياماً بها ! ولم تأبه برفضها مرة ، وثانية ، وثالثة " .
وملخص التمرين : هو تحديق النظر بالتدرج نحو بقعة ، وإبقاء العين مفتوحة من غير أن ترمش ، ويستمر على ذلك لأيام حتى يصل إلى القدرة على التحديق ربع ساعة من غير أن ترمش عيناه ! .
وقد سئل الدكتور وهبه الزحيلي وفقه الله :
هل علوم " الميتافيزقيا " حرام ؟ هل علوم ما وراء الطبيعة والخوارق حلال أو حرام ؟ وهي " التلبثة " - التواصل عن بُعد - ، " قراءة الأفكار " telepahtic ، " الخروج الأثيري عن الجسد " out of body experience ، " تحريك الأشياء بالنظر " ، " النظر المغناطيسي " ، " اليوجا ، و " التنويم الإيحائي " ، " التاي شي " ، " الريكي " ، " التشي كونغ " ، " المايكروبيوتك " ، " الشكرات " ، " الطاقة الكونية " ، " مسارات الطاقة " ، " الين واليانغ " ؛ لأني وجدت موقعاً يحرِّمها - موقع الأستاذة فوز كردي - السعودية - ؟ .
فأجاب :
"هذه وسائل وهمية ، وإن ترتب عليها أحياناً بعض النتائج الصحيحة ، ويحرم الاعتماد عليها وممارستها ، سواء بالخيال ، أو الفعل ، فإن مصدر العلم الغيبي : هو الله وحده ، ومن اعتمد على هذه الشعوذات : كفر بالله ، وبالوحي ، كما ثبت في صحاح الأحاديث النبوية الواردة في العَّراف ، والكاهن ، ونحوهما" انتهى من موقع الشيخ على الشبكة .
وللفائدة : فإن نظرية " المغنيطسية الحيوانية " هي أقدم بكثير من زمن ذلك المدعي لاكتشافها ، وهي تسمى هكذا أصلاً ، وقد حرِّفت الكلمة في بعض الترجمات العربية إلى " الحيوية " ! حتى إن مترجماً صرَّح بذلك فقال : " لا أدري لمَ نجد في الترجمة العربية للكتاب استخدام لفظ " المغناطيسية الحيوانية " ، ولقد استبدلتها بـ " المغناطيسية الحيوية " ! ؛ لأنني وجدت ذلك أفضل ! " .
وأول من قال بهذه النظرية هو طبيب نمساوي ، وقد ثبت بحكم لجان طبية كذب هذه النظرية ، وعدم ثبوت شفاء مرضى بها ، وأن من شُفي منهم فإنما هو وليد خياله ! .
وقد جاء في " الموسوعة العربية العالمية " :
" المسمرية " :
يُعزى التطور العلمي للتنويم المغنطيسي إلى جهود " فرانز أنطون مسمر " ، وهو طبيب نمساوي ، اشتهر خلال السبعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي ، وقد أطلق على نظريته " المغنطيسية الحيوانية " .
اعتقد بعض الناس يومئذ أن المرض ينشأ ويتطور عندما يُقطع سبيل سوائل مغنطيسية خفية ، أو يساء توزيعها ، واستخدم مسمر حوض استحمام وعصيّاً مغنطيسية ؛ لتوجيه السوائل المزعومة نحو مرضاه ، وادّعى كثير من المرضى شفاءهم بهذه المعالجة .
وفي عام 1784م تشكّلت لجنة فرنسية للتحقيق في مزاعم " مسمر " ، وأتباعه ، وقررت اللجنة أنه لا وجود للسوائل المغنطيسية ! وفُسرت حالات الشفاء بأنها : وليدة خيالات المرضى ! .
ساعد كثير من مرضى " مسمر " ، وطلابه ، على نشر فكرة " المغنطيسية الحيوانية " ، حتى صارت تدعى بـ " المسمرية " .
واصل تلاميذ هذه المدرسة إجراء تجاربهم باستخدام بعض وسائله ، لكن سرعان ما اكتشف بعضهم أنه لا لزوم للمغنطيسات ، أو السوائل . انتهى .
ثانياً :
أما تمارين " التنفس العميق " فلا تخرج عن صاحبتها السابقة من حيث المبالغة ، والتهويل ، وهي من الفروع التابعة للبرمجة العصبية ، ومن دعايات هذه التمارين :
" التنفس العميق يعالج كل شيء ! " ، " التنفس العميق يحافظ على صحتك ! " ، " التنفس العميق يطيل العمُر ! " ، " التنفس العميق يشحن جهاز الإثارة ! " ، " التنفس العميق يقضي على المشاكل ! " ، وكل ذلك من المبالغات ، والتهويلات ، وقد يكون هناك بعض فوائد لمثل هذا العمل ، لكن ليس له تلك الآثار المنسوبة له ، بل هناك من ينبه على خطر المداومة على هذه التمارين ، أو المبالغة في أدائها ؛ وأن ذلك يزيد في عدد ضربات القلب ، ويسبب الدوار لصاحبه .
والعجيب أن كثيراً من هؤلاء المفتونين بتلك الحضارة الزائفة ، وبتلك العلوم القائمة على الوهم والخيال يخجل أحدهم من ذِكر آيات من القرآن ، وأحاديث صحيحة من السنَّة النبوية تدل على العلاج بالعسل ، والحبة السوداء ، والقسط الهندي ، وغير ذلك ، ويحاول كتم هذه النصوص ، وفي الوقت نفسه يعظم تلك الخرافات ، ويجعل من تمارينه وقاية من الأمراض جميعها ! بل وعلاجاً لها إن وقعت .
والله أعلم
تعليق