الحمد لله.
أولاً :
الحدث الأكبر يطلق على الجنابة والحيض والنفاس ، وكيفية التطهر منه : تبدأ المرأة بالاستنجاء ثم تعم بدنها بالماء ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (10790) .
أما خروج الريح والبول والغائط والمذي ... إلخ فهذا هو الحدث الأصغر ، ولعلك تقصدين ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : "الحدث الأصغر : ما يُوجب الوضوء دون الغسل كخروج البول والغائط والريح من الدبر ، وأكل لحم الجزور والنوم .
أما الحدث الأكبر : فهو ما يُوجب الغسل كالجماع ، وإنزال عن شهوة في حال الاحتلام أو غيره ، والحيض ، والنفاس" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" - المجموعة الثانية - (4/112) .
ثانياً :
الاستجمار هو إزالة ما على السبيلين [الفرجين] من نجاسة بحجر أو منديل وما يشبه ذلك .
والواجب في الاستجمار ألا تقل عدد المسحات عن ثلاثة ، وأن يحصل الإنقاء ، وهو إزالة النجاسة ، وجفاف المكان ، وعلامة حصول الطهارة : أن تخرج آخر مسحة جافة ليس عليها أثر من النجاسة ، فإذا حصل هذا فقد حصل المقصود وطهر المحل .
روى مسلم (262) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه أنه قال : (نَهَانَا نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/102) :
" يُشْتَرَطُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا : الْإِنْقَاءُ , وَإِكْمَالُ الثَّلَاثَةِ , أَيُّهُمَا وُجِدَ دُونَ صَاحِبِهِ لَمْ يَكْفِ , وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَة" انتهى .
وقد سُئِل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إذا استنزه الرجال بالأحجار دبراً كان أو قبلاً بماذا يستنزه النساء قبلا عند عدم الماء ؟
فأجابوا : "الاستجمار بالأحجار وما يقوم مقامها من غير العظام والأرواث قائم مقام الاستنجاء بالماء في تطهير القبل والدبر ، والرجال والنساء في ذلك سواء ، والواجب : ثلاثة أحجار منقيات لكل واحد من الدبر والقبل ، فإن لم تكف وجبت الزيادة حتى يحصل النقاء ، والأفضل: القطع على وتر ، فإذا أنقى بأربعة شُرِعَ أن يستجمر بخامس ، وإذا أنقى بستة شُرِعَ أن يستجمر بسابع ؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (ومن استجمر فليوتر)" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" - المجموعة الثانية - ( 4 / 36 ).
أما إن كنت تقصدين بالاستجمار غسل أثر النجاسة بالماء ، فهذا لا يشترط له عدد ، والواجب هو غسل النجاسة حتى يغلب على الظن أنها قد زالت ، ويكفي هنا العمل بغلبة الظن ، ولا يشترط تيقن أنها زالت .
واعلمي أن هذا التشدد هو من وساوس الشيطان ، التي يريد بها أن تكون العبادة شاقة على المسلم فيتركها ، أو ينغص عليه حياته ، ويوقعه في الضيق والحزن .
فعليك الاقتصار على ما ورد به الشرع من غير زيادة ولا نقصان ، فإذا وسوس إليك الشيطان أنك لم تطهري فلا تلتفتي إلى هذه الوسوسة حتى يذهبها الله تعالى عنك .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "يجب على المؤمن أن يكون عدواً للشيطان ، محارباً له ، مكافحاً له ، لا يخضع له ، فإذا أملى عليك أنك ما توضأت وما صليت وأنت تعرف أنك توضأت وصليت فترى يدك فيها الماء وتعلم أنك صليت فلا تطاوع عدو الله ، واجزم بأنك صليت ، واجزم بأنك توضأت ، ولا تُعِدْ شيئاً من ذلك ، وتعوذ بالله من عدو الله الشيطان .
هكذا يجب على المؤمن يكون قوياً في حرب عدو الله ، وفي مكافحته حتى لا يغلب عليه وحتى لا يؤذيه ، فإنه متى غلب على الإنسان جعله كالمجنون يتلاعب به ، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة : الحذر من عدو الله ، والاستعاذة بالله من شره ومكايده ، وبالقوة في ذلك ، والصبر في ذلك حتى لا تُطاوعه في إعادة صلاة ، ولا في إعادة وضوء ، ولا في إعادة تكبير ، ولا في غير ذلك .
وهكذا إذا قال لك : ثوبك نجس ، أو البقعة نجسة ، أو الحمام فيه نجاسة ، أو الأرض التي وطأتها فيها نجاسة ، أو مصلاك فيه كذا فلا تطعه في ذلك ، كذب عدو الله ، واستعذ بالله من شره ، وصَلِّ في المكان الذي تصلي فيه ، والسجادة التي تصلي عليها كذلك ، والأرض التي تطأ عليها وتعرف أنها طاهرة إلا إذا رأيت بعينك نجاسة وطأتها رطبة فاغسل رجلك ، والحمد لله .
أما وساوسه فلا تطاوع عدو الله فيها ، واعرف أن الأصل : هو الطهارة ، هذا هو الأصل ، فلا تطاوع عدو الله في شيء إلا في يقين رأيته بعينك ، وشاهدته بعينك ، حتى لا يغلب عليك عدو الله ، نسأل الله للجميع العافية" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" ( 1 / 77 ، 78 ) .
ونسأل الله أن يلهمك رشدك ويوفقك لكل خير .
والله أعلم .
تعليق