الحمد لله.
أولا ً :
نذر اللجاج هو النذر الذي يكون للحث على فعل شيء أو تركه من غير قصد للقربة والطاعة على وجه التحقيق ، وذلك كأن يقول : ( إن فعلت كذا فعلي حجة ، أو صوم شهر ، أو التصدق بألف دينار ) ونحو ذلك .
والناذر فيه مخير بين الوفاء بما نذره ، أو دفع كفارة يمين ، وقد سبق بيان تفصيل ذلك في جواب السؤال (2587) .
ثانياً :
قول الإنسان في نذره : ( إن كنت أؤمن بالله عز وجل واليوم الآخر ، سأصوم شهرا كاملا إن فعلت كذا) هو من باب التأكيد وحث النفس على الالتزام بالنذر لكونها تؤمن بالله واليوم الآخر .
وليس ذلك كقول الإنسان : ( هو يهودي أو نصراني إن لم يفعل كذا وكذا ) .
فهذه الجملة الأخيرة لا يجوز لمسلم أن يقولها أبدا ، وهي من الألفاظ المحرمة التي قد توصل صاحبها للكفر والعياذ بالله .
روى البخاري (1364) ومسلم (110) عن ثَابِت بْن الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قال) .
قال النووي : " إِنْ كَانَ الْحَالِف مُعَظِّمًا لِمَا حَلَفَ بِهِ مُجِلًّا لَهُ كَانَ كَافِرًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَظِّمًا بَلْ كَانَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي حَلِفه بِمَا لَا يُحلَفُ بِهِ , وَمُعَامَلَته إِيَّاهُ مُعَامَلَة مَا يَحْلِف بِهِ ". انتهى من شرح صحيح مسلم (2 /126) .
وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي في " السنن " (1543) : "وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ : هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ .
وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ : عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لو قال : هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا ، أو إن فعل كذا فهو كافر ونحو ذلك ، فإن الأئمة متفقون على أنه إذا وجد الشرط فلا يكفر ، بل عليه كفارة يمين عند أبى حنيفة وأحمد في المشهور عنه ، وعند مالك والشافعي : لا شيء عليه ". انتهى "مجموع الفتاوى" (33/199).
ووجوب الكفارة هو اختيار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء حيث قالوا : "إذا فعل ما حلف على تركه أو ترك ما حلف على فعله ، فعليه كفارة يمين ، مع التوبة إلى الله ، وعدم العود إلى مثل هذه اليمين ، ولا يكفر بذلك وتكفيه التوبة والعمل الصالح" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/309) .
والله أعلم
تعليق