الحمد لله.
"كل هذا لا أصل له ، ليست أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم وليست أصابع قدمه ، وكل هذا باطل ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت إلى مصر ولم يزرها ، ولم توجد أصابعه في أي حجر حتى نقلت إلى هناك ، وكل هذا من الباطل والكذب ، فلا يجوز التمسح بها ، ولا التبرك بها ، بل يجب إزالتها وتحطيمها ، والمساجد التي تبنى على القبور ، فلا يجوز أن يبنى مسجد على القبر ، ولا يجوز الطواف بالقبور ، ولا دعاء أهلها دون الله ، ولا التمسح بقبورهم ، ولا النذر لأهلها ، كما يفعل عند البدوي أو غيره ، كل هذا منكر عظيم ، فبناء المساجد على القبور أنكره النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) .
ولما ذكرت له بعض الصحابيات المهاجرات إلى الحبشة كنيسة رأينها في أرض الحبشة ، وفيها ما فيها من الصور ، قال صلى الله عليه وسلم : (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه تلك الصور) . ثم قال : (أولئك شرار الخلق عند الله) فأخبر أن هؤلاء الذين يبنون المساجد على القبور ، ويتخذون عليها الصور هم شرار الخلق ، لأنهم دعاة للنار – ونعوذ بالله – ودعاة للشرك .
فيجب الحذر من هذه البلايا ، وهذه البدع ، وهذه الشرور التي أحدثها الجهلة ، ويجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور ، وتكون مستقلة عن القبور ، والقبور مستقلة عن المساجد ، أما أن يتخذ المسجد على المقبرة ، أو يدفن في المسجد فكل هذا منكر ولا يجوز الدفن في المساجد ، بل تكون المقابر مستقلة وتكون المساجد مستقلة ، ولا يبنى المسجد على القبر ، ولو كان من قبور الأنبياء فلا يبنى عليه مسجد ، لأن ذلك من وسائل الشرك ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك ولعن من فعله .
أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي في المدينة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيته ولم يدفن في المسجد ، هو وصاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، فكان مدفوناً في بيت عائشة رضي الله عنها رضي الله عنها ثم دفن معه أبو بكر ، ثم دفن معه عمر .
لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك المسجد في عهده أدخل الحجرة في المسجد اجتهاداً منه ، وقد غلط ، ولو تركها على حالها لكان أسلم وأبعد الشبهة ، فإن بعض الناس اغتروا بهذا ، وظنوا أن اتخاذ المساجد على القبور أمر مطلوب ، وهذا غلط ، فالنبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيت عائشة رضي الله عنها وليس في المسجد ، وهكذا صاحباه دُفنا معه في البيت ، ثم أُدخلت الحجرة برمتها في المسجد ، لا يجوز لأحد أن يغتر بهذا ، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من هذا عليه الصلاة والسلام ، وأبدأ وأعاد في ذلك ، فيجب الحذر مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وألا يدفن إنسان في مسجد ، وألا يقام مسجد على قبر لأن الرسول لعن من فعل ذلك ، فيجب الحذر ، ولأنه وسيلة للشرك" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/265 – 267) .
تعليق