الحمد لله.
"إن الله عز وجل أخبر عن نفسه بأنه حكيم عليم ، وأنه جل وعلا يبتلي عباده بالسراء والضراء والشر والخير ليختبر صبرهم ويختبر شكرهم ، والأطفال وإن كانوا لا ذنب عليهم فالله يبتليهم بما يشاء لحكمة بالغة ، منها اختبار صبر آبائهم وأمهاتهم وأقاربهم ، واختبار شكرهم ، وليعلم الناس أنه جل وعلا حكيم عليم يتصرف في عباده كيف يشاء ، وأنه لا أحد يمنعه من تنفيذ ما يشاء سبحانه وتعالى في الصغير والكبير والحيوان والإنسان .
فما يصيبهم من أمراض وعاهات فيه حكمة بالغة ، منها : ليعلم الناس قدرته على كل شيء ، وأنه يبتلي بالسراء والضراء حتى يعرف من رزق أولاداً سالمين فضل نعمة الله عليه ، وحتى يبصر من ابتلى بأولاد أصيبوا بأمراض فيصبر ويحتسب ويكون له الأجر العظيم والفضل الكبير على صبره واحتسابه وإيمانه بقضاء الله وقدره وحكمته .
وأما مصيرهم في الآخرة فهم تبع أهليهم .
أولاد المسلمين في الجنة مع أهليهم ، أجمع على هذا أهل السنة والجماعة ، حكاه الإمام أحمد وغيره.
أما أولاد الكفار فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : يا رسول الله ، ما ترى في أولاد المشركين ؟ قال : (الله أعلم بما كانوا عاملين) قال أهل العلم : معناه : أنهم يُمتحنون يوم القيامة حتى يظهر علم الله فيهم يوم القيامة ، وهم من جنس أهل الفترات الذين لم تأتهم الرسل ، ولم تبلغهم الرسل ، وأشباههم ممن لم يصل إليهم رسول ، فإنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة بأوامر توجه إليهم ، فإن أجابوا صاروا إلى الجنة ، وإن أعرضوا صاروا إلى النار ، وقد ثبت هذا في أحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام .
فعند هذا يظهر علم الله فيهم فيكونون على حسب ما ظهر من علم الله فيهم ، إن أطاعوا صاروا إلى الجنة وإن عصوا صاروا إلى النار هذا هو المعتمد فيهم ، وهذا هو القول الصواب فيهم .
وقال جماعة من أهل العلم : إنهم يكونون في الجنة ؛ لأنه لا ذنب عليهم ، فيكونون في الجنة كأولاد المسلمين ، ولكنه قول مرجوح ، والصواب أنهم يُمتحنون ويُختبرون يوم القيامة ؛ لأن الله سبحانه قال : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء/15 ، فهو لا يعذب إلا بمعصية من المعذَّب أو كُفْرٍ من المعذَّب ، والأطفال ليس منهم معصية ولا كفر ، فلهذا يمتحنون يوم القيامة كما يمتحن الذين لم تبلغهم دعوة" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/358 – 260) .
تعليق