الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

هل يجوز للأوصياء تحويل مال الوصية إلى الوقف ؟

150660

تاريخ النشر : 10-07-2010

المشاهدات : 10145

السؤال

أوصى الوالد قبل وفاته بثلث التركة لأعمال الخير وعين ثلاثة من الأخوة أوصياء. صرف الأوصياء منها على أعمال الخير بمعرفتهم. الآن الورثة يرغبون في تحويل ما تبقى من أموال الوصية إلى وقف ، فهل يجوز ؟ ومن يكون ناظر الوقف؟

الجواب

الحمد لله.


الوصية جائزة بالكتاب والسنة والإجماع ، وتصح لجهة عامة باتفاق الفقهاء .
راجع : "الموسوعة الفقهية" (43/222 ، 242)
فإذا أوصى بثلث ماله أو أقل لأعمال الخير صحت وصيته ، ووجب تنفيذها .

وإذا رأى الأوصياء تغيير الوصية إلى ما هو أفضل وأولى بالمصلحة العامة فلهم تغييرها على القول الراجح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَيَجُوزُ تَغْيِيرُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ ، حَتَّى لَوْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَاحْتَاجَ النَّاسُ إلَى الْجِهَادِ صُرِفَ إلَى الْجُنْدِ ، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ وَعِمَارَتِهِ فَالْقَائِمُونَ بِالْوَظَائِفِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَسْجِدُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَالْحِفْظِ وَالْفَرْشِ وَفَتْحِ الْأَبْوَابِ وَإِغْلَاقِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ " انتهى .
الفتاوى الكبرى - (5 / 429)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير . ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكلما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له كان أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به ؛ فالرجل الذي جاء إليه وقال : إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ، فقال صلى الله عليه وسلم : (صلِّ ها هنا) فأعاد عليه فقال : (صل ها هنا) فأعاد الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم : (شأنك إذاً) .
والذي أرى في هذه المسألة أنه إذا كانت الوصية لمعين فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ، أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تغير لتعلق حق الغير المعين بها ، أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل " انتهى .
"تفسير القرآن للعثيمين" (4 / 256) .

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
لدينا في جامع غرناطة مغسلة أموات قد بُنِيَتْ وصيةً ، ولكنها لم يُقَدَّرْ لها أن اشتغلت منذ أكثر من ثماني سنوات ؛ لعدة عوامل ، منها : عدم تهيئتها تهيئة تامة ، ومنها : وجود مغسلة كبيرة بجامع الراجحي بالربوة . ولشدة حاجتنا إليها في توسعة المسجد ، والاستفادة من مكانها ، فإنا نسأل عن حكم هدمها ، والاستفادة من مكانها ، وذلك لضيق المسجد ، وقلة مَرَافِقِهِ ؟
فأجاب :
"نرى أنه لا يجوز هدمها إلا بإذن الذين عَمَرُوها كوصية ، بعد إقناعهم بعدم الحاجة إليها ، وعدم العمل فيها ، وعدم تهيئتها، وشدة الحاجة إليها لتوسعة المسجد ، والاستفادة من مكانها لضيق المسجد ، وقلة مرافقه ، فلعلهم أن يسمحوا بها ، وتُنقل الوصية إلى مسجد آخر في أطراف البلد . والله أعلم" انتهى من موقع الشيخ .
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=11788

فإذا رأى الأوصياء أن المصلحة في تحويل ما تبقى من أموال الوصية الى وقف ، جاز لهم ذلك ، ويكونون هم نظار الوقف ؛ لأن الحق لهم في الوصية ، فالحق لهم في الوقف .
" وقد اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُتَّبَعُ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ ، فَإِذَا جَعَل النَّظَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ اتُّبِعَ شَرْطُهُ " . "الموسوعة الفقهية" (44 / 204) .
وحيث إن الموصي عين الأوصياء ، ورأى الأوصياء المصلحة في الوقف راجحة ، كان الحق لهم في نظارته .
فإن أرادوا أن يخلوا مسؤوليتهم من الوقف ، فالمرجع في ذلك هي القاضي الشرعي ، فهو الذي يتولى تعيين ناظر لهذا الوقف .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب