الحمد لله.
هذه القصة المنتشرة في مواقع الإنترنت والتي جاء ذِكرها في السؤال ، مما يُزعم أنها طريقة مجربة لإخراج النمل من البيوت : بادية عليها آثار الخرافة ! ولنا عليها تعليقات :
أولاً: الحديث مع الحيوانات وفهم كلامها ليس لآحاد الناس ، بل هو آية من آيات الله تعالى وهبها الله تعالى لأنبيائه داود وسليمان ومحمد عليهم الصلاة والسلام .
قال تعالى ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) النمل/ 16 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقوله ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) ، أي : أخبر سليمان بنعَم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام ، والتمكين العظيم ، حتى إنه سَخَّر له الإنس والجن والطير ، وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضاً ، وهذا شيء لم يُعطَه أحد من البشر - فيما علمناه - مما أخبر الله به ورسوله ... .
ولكن الله سبحانه وتعالى كان قد أفهم سليمان عليه السلام ما يتخاطب به الطيور في الهواء ، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها ، ولهذا قال : ( عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) أي : مما يحتاج إليه الملك .
( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) أي : الظاهر البيِّن لله علينا .
" تفسير ابن كثير " ( 6 / 182 ) .
ثانياً: قولهم في مخاطبة النمل " يا نملة يا بنت النمال ، أخرجي من بيتي في الحال ، وإلا أرسلت عليك جنود سليمان " : فيه كذب واضح ! فمن أين للقائل جنود سليمان ليرسلها على النمل ؟! وإن من جنود سليمان الجن والطير كما قال تعالى ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) النمل/ 17 ، وهذا من الملك الذي لا ينبغي لأحد بعد سليمان عليه السلام ، كما قال تعالى ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) ص/ 35 ، فمن أين لهذا القائل هذا الملك وهذه الجنود التي اختص الله تعالى بها سليمان عليه السلام ؟! .
ثالثاً: ولا يصح قياس هذا
الفعل على التحريج على الحيات ؛ فإن ذلك كان في وقت خاص وفي بقعة خاصة ، حيث أخبر
النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الممكن أن تكون تلك الحيات من الجن الذي أسلموا في
ذلك الوقت .
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
( إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى
شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاَثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ
بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ) .
رواه مسلم ( 2236 ) .
ولينظر – في شرح الحديث – جواب السؤال رقم (
40703 ) .
وبما ذكرناه يتبين للجميع أنه لا يجوز للمسلم العاقل أن يصنع مثل ما جاء في السؤال ، والنمل في البيوت يُدفع بما تيسر من الطرق دون قتله ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فإن لم يندفع إلا بالقتل جاز قتله بالمبيدات وغيرها ، دون الحرق ، ولينظر جواب السؤال رقم ( 3005 ) .
والله أعلم
تعليق