الحمد لله.
معرفة أفضل شروح كتب السنة تابع لتحديد طالب العلم مقاصد الشرح الذي يسعى إليه ، ونحن نقول : إن أهم مقاصد الشروح التي ينبغي العناية بها أمران مهمان :
الأمر الأول : العناية بغريب الحديث ، ومعاني المفردات ، وفهم المراد بالجملة والعبارة ، مع بيان المبهمات الواردة في متن الحديث .
الأمر الثاني : بيان أهم ما يستنبط من الحديث من مسائل فقهية ، وعقدية ، وأدبية ، وعلمية وغير ذلك .
لكن ليس المقصود التوسع في فهم هذه المسائل كلها ، وحفظ الخلاف فيها والاعتراض عليها ، إنما المقصود المرور عليها بشكل مختصر موجز ، كي يستذكر الطالب حين يمر على المسألة الفقهية مثلا – أثناء دراسته كتابا فقهيا خاصا - أن الحديث الفلاني يستدل به على هذه المسألة ، ولكن تقييد الاستدلال ومناقشته والاعتراض عليه إنما يدرس في كتب الفقهاء ، وليس في كتب شروح الأحاديث .
إذا تقرر هذا لدى الطالب تبين له الطريقة المثلى للقراءة في كتب الشروح ، ولم تختلط عليه كثرتها ولا تشعب بعضها ، فهو يسعى لهدف محدد معروف ، ويعرف كيف يحافظ على طريقه المستقيم لتحقيق هذا الهدف .
لذلك : فالطالب حين يقرأ في كتاب " فتح الباري " للحافظ ابن حجر رحمه الله – على سبيل المثال – لا ينبغي أن يعنت نفسه في حفظ التفاصيل الدقيقة التي يوردها الحافظ في شرحه المطول ، بحيث يشق عليه الأمر ، ويستغرق في شرح الحديث الواحد الأيام والليالي ، ولكنه يأخذ منه ما يحتاج إليه لتحقيق المقاصد التي سبق ذكرها تحقيقا مباشرا ، ويلخصها في كراسته ، ويعتني بهذه الخلاصة حفظا ومذاكرة ومدارسة ، ثم إذا انتقل إلى قراءة شرح آخر من شروح السنة الكثيرة صنع كصنيعه الأول ، وهو بهذا يبني حصيلة علمية قوية ، تنمو مع الأيام والليالي ، ولا تشوشها المعلومات المفرعة ، ولا الروايات المختلفة ، ولا كذلك اختلاف مناهج العلماء في كتبهم ، لأنه يأخذ ما يفيده في تحقيق مقصده ، ويدع ما سوى ذلك .
وهذه الطريقة في تلخيص شروح الأحاديث تبعا للمقصدين الرئيسين تقتضي أن يبني الطالب كتابا خاصا يؤلفه بنفسه ، يفرد فيه لكل حديث صفحاته الخاصة ، ويجمع – خلال جرده لكتب الشروح المهمة – خلاصة الكلام على غريب الحديث ، وعلى ما يستنبط منه كما سبق بيانه ، فيجمع الفوائد المنثورة ، ولا تشوش عليه كثرة روايات الحديث ؛ لأنها – في الغالب – اختلاف عبارة لا تؤثر في مقصدي الشرح المهمين السابقين .
أما إذا تتبع الطالب جميع المعلومات الواردة في الشروح التي تخرج عن تحقيق المقصدين السابقين طال عليه أمره ، واضطرب عليه فكره ، ولم يكد يضبط مما يقرأ شيئا .
ولذلك ننصح بقراءة شروح كتب السنة في ضوء المنهجية السابقة ، وهذه الكتب التي ننصح بقراءتها هي :
فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني .
فتح الباري للعلامة ابن رجب الحنبلي .
وكلاهما شرح لصحيح البخاري .
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي .
المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم للإمام القرطبي .
وكلاهما شرح لصحيح مسلم .
معالم السنن للخطابي .
تهذيب سنن أبي داود للعلامة ابن القيم .
عون المعبود شرح سنن أبي داود للشيخ محمد شمس الحق العظيم أبادي .
وثلاثتها شروح لسنن أبي داود .
عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي لابن العربي المالكي .
تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي للمباركفوري .
حاشية السيوطي على سنن النسائي .
حاشية السندي على سنن ابن ماجه .
فيض القدير شرح الجامع الصغير لعبد الرؤوف المناوي ، وهو من أوسع الشروح التي
تكلمت على أكبر عدد من الأحاديث ، وهي أحاديث كتاب " الجامع الصغير " للسيوطي ،
يشتمل على الكتب التسعة وغيرها كثير ، وهو مفيد أيضا في فهم معاني الأحاديث التي لم
تشرحها الكتب السالفة .
حاشية السندي على مسند الإمام أحمد ، وكذلك تعليقات الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا
رحمه الله على أحاديث مسند الإمام أحمد ، في كتابه " الفتح الرباني " الذي رتب فيه
أحاديث المسند ترتيبا موضوعيا .
والله أعلم .
تعليق