الحمد لله.
لا حرج في أخذ هذه الزيادة ؛ لأنها زيادة غير مشروطة ، وليست من بنك يعتمدها وتقوم معاملاته على أساسها . والراتب إذا تأخر صرفه كان في حكم الدَّيْن ، وإذا قضى المدين أكثر مما عليه من غير اشتراط جاز ؛ لما روى البخاري (2393) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الإِبِلِ ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطُوهُ ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلا (سِنًّا) فَوْقَهَا ، فَقَالَ : أَعْطُوهُ ، فَقَالَ : أَوْفَيْتَنِي وَفَى اللَّهُ بِكَ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن أقرضه مطلقا من غير
شرط , فقضاه خيرا منه في القدر , أو الصفة , أو دونه , برضاهما , جاز ... ورخص في
ذلك ابن عمر , وسعيد بن المسيب , والحسن , والنخعي , والشعبي , والزهري , ومكحول ,
وقتادة , ومالك , والشافعي , وإسحاق ...
وروي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن عمر , أنه يأخذ مثل قرضه , ولا يأخذ فضلا ;
لأنه إذا أخذ فضلا كان قرضا جر منفعة .
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بَكْرا , فرد خيرا منه . وقال : ( خيركم
أحسنكم قضاء ) متفق عليه . وللبخاري : ( أفضلكم أحسنكم قضاء ) . ولأنه لم يجعل تلك
الزيادة عوضا في القرض , ولا وسيلة إليه , ولا إلى استيفاء دينه , فحلت , كما لو لم
يكن قرض ...
وإن كان الرجل معروفا بحسن القضاء , لم يكره إقراضه . وقال القاضي : فيه وجه آخر ,
أنه يكره ; لأنه يطمع في حسن عادته . وهذا غير صحيح ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم
كان معروفا بحسن القضاء , فهل يسوغ لأحد أن يقول : إن إقراضه مكروه , ولأن المعروف
بحسن القضاء خير الناس وأفضلهم , وهو أولى الناس بقضاء حاجته , وإجابة مسألته ,
وتفريج كربته , فلا يجوز أن يكون ذلك مكروها , وإنما يمنع من الزيادة المشروطة "
انتهى من "المغني" (4/ 212).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " لكن قد يقول
قائل: إذا جوزنا هذا لزم أن نجوز الفوائد البنكية، لأنك تعطي البنك مائة ألف ويعطيك
بعد سنة مائة وعشرة.
فالجواب على هذا : أن البنك زيادته تعتبر مشروطة شرطا عرفيا، والشرط العرفي كالشرط
اللفظي؛ لأن هذا معلوم من تعاملهم " انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 111).
والله أعلم .
تعليق