الحمد لله.
هذا الحديث رواه البخاري (6989) ومسلم (1319) واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ، يَجْهَرُ بِهِ) .
والأَذَن : الاستماع .
والمعنى : ما استمع الله لشيء كسماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به .
قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله : "يعني : ما استمع الله لشيء كاستماعه
لنبيٍ يتغنى بالقرآن ، حدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى :
(وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) قال : سمِعَتْ . أو قال : استمعت . شكَّ أبو
عبيد . يُقال : أذنتُ للشيء ءآذَنُ له أذَناً : إذا استمعتُه..." انتهى من "غريب
الحديث" (1/ 282) .
وقال البغوي رحمه الله : " قوله (ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه) يعني : ما استمع
الله لشيء كاستماعه ، والله لا يشغله سمع عن سمع ، يقال : أذِنْتُ للشيء آذَنُ
أذَناً : إذا سمعت له " انتهى من "شرح السنة" (4/ 484).
وقال ابن كثير رحمه الله : " ومعناه أنَّ الله تعالى ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة
نبي يجهر بقراءته ويحسنها ، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال
خلقهم وتمام الخشية ، وذلك هو الغاية في ذلك ، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد
كلهم برهم وفاجرهم ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ،
ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم ؛ كما قال تعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي
شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا
كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) الآية ، ثم استماعه لقراءة
أنبيائه أبلغ ؛ كما دل عليه هذا الحديث العظيم ، ومنهم من فسر الأذَن هاهنا بالأمر،
والأوَّل أولى ؛ لقوله : ( ما أذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنبي يتغنى بالقرآن ) أي
يجهر به ، والأذَن : الاستماع ؛ لدلالة السياق عليه " انتهى من "فضائل القرآن" ص114
.
والله أعلم .
تعليق