الحمد لله.
أولا :
سبق في جواب السؤال رقم : (71417) بيان جواز استعمال الأسماء المستعارة في دخول المنتديات ومواقع الإنترنت .
ثانيا :
يكره أن يسمي الإنسان نفسه أو يلقب بما يدل على تزكية النفس ومدحها ، وتزداد الكراهة إذا كان الوصف الذي مدح به نفسه غير حقيقي ولا ينطبق عليه .
ومن ذلك : الأسماء التي تضاف إلى الدين ، مثل : عماد الدين ، وشمس الدين ، ونور الدين ، ومحي الدين .... ونحو ذلك .
قال ابن عابدين رحمه الله :
" المنع عن نحو : " محيي الدين "، و " شمس الدين " مع ما فيه من الكذب ، وألف بعض المالكية في المنع منه مؤلفا ، وصرح به القرطبي في شرح الأسماء الحسنى
ونقل عن الإمام النووي أنه كان يكره من يلقبه بمحيي الدين ، ويقول : لا أجعل من دعاني به في حل .
ومال إلى ذلك العارف بالله تعالى الشيخ سنان في كتابه " تبيين المحارم "، وأقام الطامة الكبرى على المتسمين بمثل ذلك ، وأنه من التزكية المنهي عنها في القرآن ، ومن الكذب" انتهى من" رد المحتار " (6/418) .
وقال ابن الحاج المالكي رحمه الله :
" ويتعين عليه أن يتحفظ من هذه البدعة التي عمت بها البلوى ، وقل أن يسلم منها كبير أو صغير ، وهي ما اصطلحوا عليه من تسميتهم بهذه الأسماء القريبة العهد بالحدوث ، التي لم تكن لأحد ممن مضى ، بل هي مخالفة للشرع الشريف ، وهي : " فلان الدين " و " فلان الدين "....ألا ترى أن هذه الأسماء فيها من التزكية ما فيها فيقع بسببها في المخالفة بدليل كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء ...فإذا قال مثلا محيي الدين أو زكي الدين فلا بد أن يسأل عن ذلك يوم القيامة ، ويقال له : هذا هو الذي أحيا الدين ؟!! وهذا هو الذي زكى الدين ؟!! إلى غير ذلك ، فكيف يكون حاله إذ ذاك حين السؤال ، بل حين أخذه صحيفته فيجدها مشحونة بما تقدم ذكره من التزكية .
ولو كانت هذه الأسماء تجوز لما كان أحد أولى بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ إنهم شموس الهدى ، وأنوار الظلم ، وهم أنصار الدين حقا كما نطق به القرآن ، والخير كله في الاتباع لهم في الاعتقاد والقول والعمل .
ألا ترى إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي اختارهن الله له عليه الصلاة والسلام واصطفاهن لما علم الله سبحانه وتعالى ما فيهن من الشيم الكريمة والأحوال العالية المرضية لما أن دخل عليه الصلاة والسلام بزينب أم المؤمنين رضي الله عنها قال لها : ما اسمك ؟ فقالت : برة . فكره ذلك الاسم ، وقال : لا تزكوا أنفسكم . لما فيه من اشتقاق اسم البر ، ومعلوم بالضرورة أنها ما اختيرت لسيد الأولين والآخرين إلا وفيها من البر بحيث المنتهى ; إلا أنه عليه الصلاة والسلام كره ذلك الاسم - وإن كان حقيقة - لما فيه من التزكية ، فجدد اسمها زينب" انتهى باختصار من" المدخل " (1/122-130) .
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" ويكره ما فيه تزكية كالتقي ، والزكي ، والأشرف ، والأفضل ، وبرة ، قال القاضي : وكل ما فيه تفخيم أو تعظيم...
ومن لقب بما يصدقه فعله - بأن يكون فعله موافقا للقبه -: جاز" انتهى من" كشاف القناع " (3/26) .
وهذه الأسماء الواردة في السؤال فيها تزكية النفس ، مثل : (شمس الإسلام) و (زهرة الإيمان) مع ما في بعضها من الكذب والوصف بما لا يمكن ، مثل : (طيور الجنة) .
ومن ذلك : و (متقصي الحق) ؛ فالذي يظهر أن فيه نوع تزكية ، فالأحوط تركه .
وأما (جهاد النفس) فإذا كان هذا الوصف منطبقاً على من تسمى به ، أو كان يرجو أن يكون متصفاً بهذا الوصف ، فلا يظهر مانع من التسمي بهما ، مع أنه في الحقيقة وصف ملازم لكل مؤمن .
فكل مؤمن لا بد أن يكون مجاهداً لنفسه ، ويكون متقصياً للحق .
والله أعلم .
تعليق