الحمد لله.
أولاً :
ميراث كل ميت يقسم على ورثته الأحياء وقت وفاته ، ومن مات منهم بعد ذلك لم يسقط حقه في الميراث ، ثم تقسم تركته على ورثته الأحياء وقت وفاته ... وهكذا .
وقد ذكرت أن الوالد لما توفي ترك أبويه ، وزوجته وابنين ، وأربع بنات ، ثم ماتت البنت الكبرى ، وتساءلت عن توزيع تركة الأب على أمه وزوجته وابنين وثلاث بنات ، فلم تذكر من الورثة أباه (جدك) وابنته الكبرى (أختك) وهما من ورثته أبيك ، ولا يسقط نصيبهم بوفاتهم قبل قسمة التركة .
وعلى هذا ، فتركة الأب تقسم كالتالي :
للأم (جدتك) السدس .
وللأب (جدك) السدس .
لقول الله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11 .
ولزوجته (والدتك) الثمن .
لقول الله تعالى : (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12 .
والباقي يأخذه الأولاد ، وفيهم البنت الكبرى التي توفيت بعد ذلك ، ويكون للذكر ضعف الأنثى ، لقول الله تعالى : (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) النساء/11 .
وأما مساهمة بعض الورثةِ في ترميم المنزلِ وتوسيعه بمجهودٍ مالي وبعضهم بمجهود بدني ، فمن ساهم منهم بشيء تبرُّعاً : فلا يحل له المطالبة بشيء ، ومن ساهم منه دَيْناً على أن يسترده من الميراث : فيقدَّر أجرة مجهوده ، ومقدار ما بذل من مال ، ويُعطى له من الميراث.
ويقدِّر أهل الخبرة أجرة المجهود البدني فتُعطى لصاحب الحق .
وأما الأموال فما دمتم لا تستطيعون تحديدها ، فليس أمامكم إلا التصالح والتراضي فيما بينكم ، فيتم تحديد هذه المبالغ بنوع من الاجتهاد في تقديرها ، ويتراضى عليها الورثة ، وتكون ديناً لأصحابها ، يأخذونه من التركة قبل قسمة الميراث .
ثانياً :
أما تنازل الأم (جدتكم) عن نصيبها من الميراث ، فينبغي أن يعلم أن التركة تدخل في
ملك الورثة بدون اختيارهم ، فينبغي إخبار الجدة أنها صارت مالكة لسدس التركة ، ولها
أن تتصرف فيه كما تشاء ، فإما أن تنتفع به ، أو تتصدق به ، أو ترده على الورثة ،
فلا بد من الائتمار بأمرها في هذا ، ولا يجوز التصرف فيه من غير أن تحدد هي كيفية
التصرف .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"وإذا تنازل جميع الورثة أو بعضهم وكانوا راشدين عن نصيبهم من التركة : فهو لمن
تنازلوا له" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 16 / 442 ) .
ثالثاً :
أما ميراث أختك التي توفيت فيقسم على ورثتها ، وقد ذكرت أنهم : أمها ، وأخوان وثلاث
أخوات ، ولم تذكر شيئاً عن الجد (أبو والدك) فإن كان موجوداً وقت وفاتها ، قسمت
تركتها كالتالي :
لأمها السدس .
وللجد الباقي ، على الصحيح من أقوال أهل العلم الذين يمنعون الإخوة من الميراث إذا
وجد الجد .
أما إذا كان الجد قد توفي قبلها ، فالورثة هم من ذكرتهم ، ونصيبهم من التركة
كالتالي :
للأم السدس ، لقول الله تعالى : (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ
السُّدُسُ) النساء/11 .
والباقي للإخوة ، ويكون للذكر ضعف الأنثى ، لقول الله تعالى : (وَإِنْ كَانُوا
إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) النساء/176
.
وينبغي أن يعلم أن تركة هذه الأخت المتوفاة تشمل أموالها وممتلكاتها ويضاف إليها
نصيبها الذي ورثته من أبيها .
وأما استخدام بعض الورثة السيارة بدون إذن الباقين ، فلا يجوز ذلك ، ويكون عليه
ضمان ما نقص من قيمتها بسبب استعماله ، فمن كان من الورثة راضياً باستعماله السيارة
فلا شيء له ، ومن كان غير راضٍ حسب له ما نقص من نصيبه بسبب حادث السيارة وأخذه ممن
جرى منه الحادث .
رابعاً :
أما قطعة الأرض التي وهبتها الأم لأحد أبنائها .
فلا يجوز للأب أو الأم تخصيص أحد أولاده بهدية دون سائر إخوانه .
وقد تقدم بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (22169)
و (85347) .
وقال ابن حزم رحمه الله :
ولا يحل لأحد أن يهب ولا أن يتصدق على أحدٍ من ولده إلا حتى يعطي أو يتصدق على كل
واحد منهم بمثل ذلك .
ولا يحل أن يفضل ذكراً على أنثى , ولا أنثى على ذكر , فإن فعل : فهو مفسوخ مردود
أبداً ولا بد .
انتهى من " المحلى " ( 8 / 95 ) .
وعلى هذا ، فعلى هذا الابن أن يرد تلك الأرض إلى أمه ، وتعود ملكاً لها ، أو يتم
تقسيمها على جميع أولادها بالعدل ، ويكون للذكر ضعف نصيب الأنثى .
والله أعلم.
تعليق