الحمد لله.
هذا الحديث لم يثبت في كتب السنة ، وليس له أصل ولا إسناد ، كما لم نجده في كتب الموضوعات والمكذوبات ، فلا يحل لأحد روايته إلا على سبيل التحذير منه ، وليتق الله كل من يساعد في نشر الموضوعات ، ففي ذلك اعتداء على مقام النبوة ، ووقوع في الوعيد الشديد ، بل الواجب على جميع المسلمين التثبت والتحري ، وعدم المسارعة إلى تناقل الأحاديث النبوية حتى يطمئن القلب إلى ثبوتها في كتب المحدثين من الأئمة الستة وغيرهم .
ثم إن في الحديث بعض النكارات في المتن ، منها :
أولا : النبي صلى الله عليه وسلم لم يخرج إلى مؤتة باتفاق العلماء ، وإنما بعث جيشه وأمر عليهم زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فكيف يرد في الحديث أن جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في مؤتة؟!
ثانيا : رفع هذه الأمور من الأرض لا يقتضي نزول جبريل عليه السلام ، فهو الروح الأمين الموكل بالوحي ، وقد انقطع الوحي بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في السنة ما يدل على أنه ينزل لرفع الأخلاق الفاضلة من الأرض في آخر الزمان .
ثالثا : ورد في السنة أن الخشوع والأمانة أول ما يرفع من هذه الأمة ، وليست البركة كما في هذا الحديث .
فقد روى الطبراني في " المعجم الكبير " (7/295) عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْخُشُوعُ ) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (رقم/2576)
وجاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةُ , وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ , وَرُبَّ مُصَلٍّ , لَا خَيْرَ فِيهِ ) رواه الطبراني في "المعجم الصغير" (1/238) من طريق حكيم بن نافع ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر به .
وهذا إسناد قابل للتحسين ، فيه حكيم بن نافع ، قال فيه ابن معين : ليس به بأس ، وضعفه أبو زرعة . انظر " ميزان الاعتدال " (1/576)
ووردت بذلك آثار صحيحة عن الصحابة كعبد الله بن مسعود عند الحاكم في " المستدرك " وغيره .
رابعا : وفي قوله : ( أرفع الزهد والورع من العلماء ) يحمل قدرا من التناقض ، فالعالم لا يستحق وصف العلم إذا لم يحمل في قلبه قدرا من الزهد والورع يتقي به المحارم المظنونة أو المباحات المشتبهة .
خامسا : وفي الكلام المذكور ركاكة ظاهرة ، وذلك في قوله : ( عشر جواهر )، وفي قوله : ( الشفقة من قلوب الأقارب )
والله أعلم .
تعليق