الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

لا حرج في الزيادة على أذكار الركوع والسجود المأثورة

174487

تاريخ النشر : 27-12-2011

المشاهدات : 54949

السؤال

هل يجوز أن أقول في السجود والركوع أثناء الصلاة : سبحان الله ، الحمد لله ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، وسبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ، وغير ذلك من الأذكار المضاعفة الواردة بهذه الألفاظ وألفاظ أخرى ، وغير ذلك من الأذكار ، هل يجوز ويستحب لي أن أقولها أثناء السجود والركوع وأنا في الصلاة ؟ جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله.


الأذكار المشروعة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وردت بكلمات محدَّدة ، وبجمل معينة ، فالأفضل أن لا يزاد عليها ولا ينقص منها ، فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631)
غير أن الأفضلية لا تنفي الجواز ، فمن أراد الزيادة من غير اعتقاد سنية زيادته فلا حرج عليه ، ولا ينكره عليه العلماء والفقهاء ، وذلك لأدلة عدة :
أولا :
قوله عليه الصلاة والسلام : ( فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ) رواه مسلم (479)، ظاهر الدلالة على أن المقصود بالذكر في الركوع تعظيم الله جل وعلا ، فمن عظمه بأذكار أخرى زيادة على الذكر المأثور لم يخرج عن المقصد الشرعي .
ثانيا :
الركوع والسجود من مواضع مشروعية الدعاء وسؤال الله تعالى الحاجات كما سبق في الحديث السابق ، ولحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ) رواه البخاري (794) ومسلم (484)، لذلك قال الفقهاء : " يستحب الدعاء في الركوع " انتهى من " مغني المحتاج " (1/366)، والدعاء باب واسع يشتمل على كثير من الأذكار أو الثناء الزائد إلى جانب سؤال الله تعالى الحاجات .
ثالثا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الله عز وجل في ركوعه بألفاظ زائدة على قوله عليه السلام : ( سبحان ربي العظيم )، كما في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ( إِذَا رَكَعَ قَالَ : اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي ، وَبَصَرِي ، وَمُخِّي ، وَعَظْمِي ، وَعَصَبِي ) رواه مسلم (771)
وأيضا في حديث عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ ) رواه مسلم (487)
وفي حديث عوف بن مالك رضي الله عنه : ( ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ : سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ) رواه أبوداود (873) وصححه الألباني .
وكذلك الشأن في أذكار السجود أيضا ، فإذا ثبتت أذكار عدة مشروعة في ركوع الصلاة وسجودها دل على أنه لا يشترط الاقتصار على التسبيح بـ ( سبحان ربي العظيم )، أو ( سبحان ربي الأعلى )، وعلى أن أصل الزيادة في هذه المواضع مشروعة .
رابعا :
وقد وجدنا في كلام الفقهاء ما يدل على جواز التوسع في التسبيح والتحميد في الركوع والسجود ، وهذا بيان ذلك :
قال ابن الهمام الحنفي رحمه الله :
" لو قرأ التشهد في الركوع أو السجود لا سهو عليه ؛ لأنه ثناء ، وهما محله " انتهى من " فتح القدير " (1/504)
وقد قرر فقهاء الشافعية رحمهم الله أن من قرأ بعض آيات القرآن الكريم في الركوع بنية الذكر والدعاء ، وليس بنية القرآن الكريم جاز له ذلك ، وهذا يدل على أن زيادة الأذكار في الركوع عندهم مشروعة .
قال البجيرمي رحمه الله :
" تكره القراءة في الركوع ، أي : بقصدها ؛ لأن الركوع محل الذكر ، فيكون صارفا عن القرآنية ، بخلاف ما إذا قصد الدعاء ، أو أطلق " انتهى من " حاشية البجيرمي على الخطيب " (2/71)
وينظر : حاشية الروض المربع " ، لابن قاسم (2/44) .

والحاصل : أنه لا حرج عليك في الثناء على الله تعالى بالتسبيح والتكبير والتحميد في الركوع والسجود ، وإن كان الأولى والأفضل الحرص على الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الموضعين ، وهي كثيرة والحمد لله ، وفيها الكفاية والأجر العظيم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب