الحمد لله.
أولاً:
المذي نجس ناقض للوضوء بإجماع العلماء .
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذُكِرَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَفْعَلْ ، إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ) رواه أبو داود (206)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
وعَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ ، وَعَنْ الْمَاءِ يَكُونَ بَعْدَ الْمَاءِ فَقَالَ : ( ذَاكَ الْمَذْيُ وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ) رواه أبو داود(221)، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدبر وخروج البول من ذكر الرجل وقُبل المرأة وخروج المذي وخروج الريح من الدبر أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة ويوجب الوضوء" انتهى من "المغني" (1/168).
ويكفي في تطهير المذي من الثوب نضح ما أصابه ، وإن غسله أفضل خروجاً من الخلاف ودليل إجزاء النضح ، ما رواه سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ : كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً فَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغُسْلَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلْتُهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : ( إِنَّمَا يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ ) فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ ؟ قَالَ : ( يَكْفِيكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ مِنْهُ ) رواه أبو داود(210) الترمذي (115). وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال المبارك فوري رحمه الله (1/373) : " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَذْيَ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ يَكْفِي نَضْحُهُ وَرَشُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ " انتهى من " تحفة الأحوذي " .
لكن يجب غسل الذكر والأنثيين ولا يكتفى بنضحهما؛ لما تقدم من حديث علي رضي الله عنه وغيره فإن فيهما الأمر بغسل الذكر والأنثيين.
ثالثاً:
لا حرج عليك في تأخير الوضوء عن إزالة المذي ، بل ولا يجب عليك الوضوء أصلاً ؛ لأن
الوضوء إنما يجب لأجل الصلاة ونحوها مما يستلزم الوضوء ؛ فإن لم تُرد شيئاً من ذلك
، لم يلزمك وضوء خاص لأجل المذي .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالُوا أَلَا
نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ فَقَالَ : ( إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ
إِلَى الصَّلَاةِ ) رواه أبو داود(3760) والترمذي(1847)، وصححه الشيخ الألباني رحمه
الله .
ففي الحديث دليل على أن الوضوء لا يجب إلا بالقيام إلى الصلاة ، ومثلها ما يشترط له
الوضوء من العبادات ، وإن كان الأفضل أن يكون المسلم على طهارة دائمة ؛ ولهذا قال -
صلى الله عليه وسلم - : ( كرهت أن أذكر الله على غير طهر ).
والله أعلم
تعليق