الحمد لله.
لم يظهر من السؤال بشكل واضح الطريقة التي سيتم بها التمويل ، هل هي عن طريق القرض ، مع وجود نسبة ثابتة من الفوائد ، أم عن طريق البيع ووجود نسبة ثابتة من الربح .
وسنذكر الجواب على كلا الاحتمالين .
أولاً : إن كان التمويل عن طريق القرض ، مع وجود
نسبة ثابتة من الفوائد ، فهذا من الربا الحرام ، وما يسمى " فوائد " هي ربا محرَّم
لا يجوز لمسلمٍ الإقدام عليه .
اللهم إلا أن تكون هذه النسبة المدفوعة مقابل الخدمات الإدارية الفعلية ، فلا حرج
من دفعها ولا تعد من الربا ، ولا يظهر أن هذا هو الصورة الواردة في السؤال .
ومما يؤسف له أن كثيراً من البنوك تتحايل على الربا تحت مُسمَّى "الرسوم الإدارية " ، والواقع أنها فائدة ربوية بدليل أن هذه "الرسوم الإدارية " تزيد بكثير عن التكلفة الفعلية لعملية التمويل ، بل أحيانًا تزيد على فائدة القرض الربوي ، ولذلك تكون غالباً محددة بنسبة مئوية ، وليست مبلغًا مقطوعًا .
لكن لو فرضنا أنها شيء قليل ، يُقابل المجهود
والمصروفات الفعلِيَّة ؛ ففي هذه الحال تكون مباحة ، وفي قرارات مجمع الفقه
الإسلامي : " كل زيادة على الخدمات الفعلية : محرمة ؛ لأنها من الربا المحرم
شرعًا".
ثانياً : أن يكون التمويل عن طريق البيع ، مع
وجود نسبة ثابتة من الربح ، وهو ما يسمى: " بيع المرابحة " .
حيث يتقدم العميل إلى المصرف ، أو الممول ، بطلب شراء سلعة معينة ، مع وعد العميل
للمصرف بشراء هذه السلعة من المصرف بالأجل ، بربح معلوم بعد شراء المصرف لهذه
السلعة ، وتملكه لها .
فهذه الصورة لا حرج فيه بثلاثة شروط :
الأول : أن يقوم البنك بشراء السلعة لنفسه شراءً
حقيقياً ، وليس شراء صورياً على الورق .
الثاني : أن يقبض البنك السلعة قبضاً حقيقياً قبل بيعها على العميل ، وقبضُ كل شيء
بحسبه ، فقبض السيارة مثلا يكون بنقلها من محلها ، وقبض الدار بتخليتها واستلام
مفاتيحها ، وهكذا ، والمقصود أن تكون السلعة قد دخلت تحت مسئولية البنك وضمانه .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا
تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15399) وصححه الألباني.
ثم بعد ذلك يبيعها للعميل بالسعر الذي يتفقان عليه ، سواء كان مساوياً لسعرها في
السوق أو أكثر منه .
الثالث : ألا يشترط المصرف غرامة على التأخر في سداد الأقساط ؛ لأن ذلك من الربا
الصريح.
فإذا تحققت هذه الشروط كانت المعاملة مباحة ولا شبهة فيها .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار يفيد جواز هذه المعاملة ، ينظر جواب السؤال (81967)
.
فإذا كان الواقع عندكم خارجا عن الاحتمالين السابقين ، فسوف يحتاج القول الدقيق فيه إلى الوقوف على صورة العقد الذي تتم به المعاملة ، خشية أن يكون هناك لبس في عرضها .
والله أعلم
تعليق