الحمد لله.
أنواع الأحلام والرؤى
ما يراه الإنسان في منامه ثلاثة أقسام: إما أن يكون من الله، وهي الرؤيا الصالحة، وإما أن يكون من الشيطان، وهو ما يراه العبد من الأحلام المزعجة والكوابيس وأنواع التخويفات، وإما أن يكون حديث النفس، مما يهتم به الرجل في يقظته فيراه في منامه،
التوقيت والزمن في تفسير الرؤى: هل تختلف الرؤيا بين الليل والنهار؟
تتحدد الرؤيا المنامية باعتبار مواصفاتها على ما تقدم ذكره، وليس باعتبار وقتها، فربما رأى العبد قبل أن يقوم لصلاة الفجر ما يكرهه من تهويل الشيطان وإزعاجه، فهذا من الشيطان وإن وقع قبل الفجر. وربما رأى ما يسره بعد أن صلى الفجر ونام، فهذا من الله وإن وقع بعد الفجر. فلا تتحدد الرؤيا بالوقت، وإنما تتحدد بالوصف، ولا فرق بين رؤيا الليل والنهار.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه (9/34):
” باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ ” ثم روى عن أنس بن مالك قال: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ،
قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ – أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهْوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَي، غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. كَمَا قَالَ فِي الأُولَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ.
وقد رواه مسلم (1912) ولفظه: ( أتانا النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال عندنا، فاستيقظ وهو يضحك… ) فذكرت الحديث.
وعند أحمد (27077): ( بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِلًا فِي بَيْتِيي.. ) ومعني ذلك: أنه كان ذلك في نوم القيلولة، وهو نوم نصف النهار.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” قال القيرواني: ولا فرق في حكم العبارة بين رؤيا الليل والنهار، وكذا رؤيا النساء والرجال.” انتهى
وقال المهلب: “لا يخص نوم النهار على نوم الليل، ولا نوم الليل على نوم النهار بشيء من صحة الرؤيا وكذبها، وأن الرؤيا متى أُريت فحكمها واحد. “انتهى من”شرح صحيح البخاري” – لابن بطال (9 /528)
وأما حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ الذي رواه البخاري (1386) قَالَ: ” كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ ”
وعند الترمذي (2294): “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى بنا الصبح أقبل على الناس بوجهه وقال: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟
وعن أبي هريرة: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ رواه أبو داود (5017) وصححه الألباني.
فهذا لأن الليل هو مظنة الرؤيا؛ لأنه وقت النوم، وغالب رؤى الناس تكون بالليل.
والله تعالى أعلم.
تعليق