الحمد لله.
إذا نسي المصلي في صلاته ، وقرأ التشهد حال قيامه ، فلا يخلو أمره من حالتين :
الحال الأولى : أن يتذكر حال قيامه أنه لم يقرأ الفاتحة ، فيستدرك الأمر ، ويقرأ الفاتحة قبل أن يركع .
فهذا صلاته صحيحة ، ولا شيء عليه ، لكن يستحب له أن يسجد للسهو ؛ لأنه جاء بذكر مشروع في غير موضعه ، فالتشهد مشروع في الصلاة ، لكن ليس موضعه القيام ، فيستحب السجود للسهو لأجل ذلك ، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ ) رواه أبو داود (1038) ، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن أبو داود " .
قال المرداوي رحمه الله : "
( وإن أتى بقول مشروع في غير موضعه : كالقراءة في السجود والقعود , والتشهد في
القيام , وقراءة السورة في الأخيرتين لم تبطل الصلاة به ) هذا المذهب , سواء كان
عمدا أو سهوا .... , ( ولا يجب السجود لسهوه ) ، ( وهل يشرع ؟ على روايتين )
إحداهما : يشرع , وهو المذهب ، والرواية الثانية : لا يشرع " .
انتهى باختصار من " الإنصاف " (2/132) .
الحال الثانية : أن لا يتذكر
قراءة الفاتحة حال قيامه ، بل يأتي بالتشهد بدلاً عن الفاتحة .
فإن كان إماما ، أو منفردا : بطلت الركعة ، ويلزمه أن يأتي بركعة أخرى بدلا منها ،
إذا تذكر ذلك وهو في صلاته ، أو بعد الفراغ منها ، ولم يطل الفصل بينهما .
فإن طال الفصل : أعاد الصلاة كاملة .
وإن كان مأموما : فهذا بحسب
القول في حكم قراءة الفاتحة في الصلاة ، وهي مسألة خلافية ، سبق الكلام عنها في
جواب السؤال رقم : (10995)
فينظر فيه للفائدة .
فمن قال بركنية الفاتحة في
الصلاة على الإمام والمنفرد والمأموم ، أفتى بعدم اعتبار تلك الركعة ، وأما من قال
بركنيتها بالنسبة للإمام والمنفرد دون المأموم ، فهذا عنده لا تجزئ تلك الركعة عن
الإمام والمنفرد فقط .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (5/331) :
حدث أن قرأت التشهد في الركعة بدلا من الفاتحة ، ولم أتذكر ذلك إلا بعد الفراغ من
الركوع ، في تلك الركعة .
السؤال : هل أسجد السجدتين وأجلس للتشهد ثم أسلم أم أعود وأقرأ الفاتحة ثم أركع مرة
أخرى ثم أتم الصلاة ؟ علما بأن ذلك سوف يلخبط علي وعلى المصلين صلاتهم أم ماذا أفعل
إن حصل مستقبلا ؟
فأجابت : " إذا كان الذي نسي
قراءة الفاتحة إماما أو منفردا ولم يذكر إلا بعد ما ركع ، فإنه يرجع إلى القيام
وجوبا ، ويقرأ الفاتحة وما تيسر بعدها من القرآن إن كان قبل التشهد الأول ، وإن كان
بعد التشهد الأول ، فإنه يقرأ الفاتحة فقط ، ثم يركع ويكمل صلاته وعليه سجود السهو
؛ لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به ، وإن كان مأموما ، فإنه
يستمر في ركوعه ولا يرجع ؛ لأنه لا تجب عليه قراءة الفاتحة في هذه الحالة ؛ لفوات
محلها " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " الفاتحة ركن لا تصح الصلاة إلا بها في كل ركعة ، فإذا نسيها الإمام في
الركعة الأولى ولم يتذكر إلا حين قام إلى الركعة الثانية صارت الثانية هي الأولى في
حقه ، وعلى هذا إذا سلم فلا بد أن يأتي بركعة أخرى عوضاً عن الركعة التي ترك فيها
الفاتحة ، أما المأموم فإنه لا يتابعه في هذه الركعة ، لكن يجلس للتشهد وينتظر حتى
يسلم مع إمامه .
أما بالنسبة للمأموم إذا تركها فمن قال : إن المأموم ليست عليه قراءة الفاتحة ،
فالأمر واضح أنه ليس عليه شيء .
ومن قال : إنها ركن في حقه ، فهو كالإمام ، فإذا تركها يأتي بعد سلام إمامه بركعة ،
إلا إذا جاء والإمام راكع أو جاء والإمام قائم ، ولكنه ركع قبل أن يتمها ، ففي هذه
الحال تسقط عنه – أي : عن المأموم - في الركعة الأولى " انتهى من " مجموع فتاوى ابن
عثيمين " (14/36 - 37) .
والله أعلم .
تعليق