الحمد لله.
أولا :
الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل ، تولاها النبي صلّى الله عليه وسلّم بنفسه ، وكذلك خلفاؤه الراشدون ، وما زال يتولاها أفضل المسلمين علماً وعملاً ، وروى مسلم (673) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً ، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً ، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا ) - أي إسلاما .
وفي هذا ما يدل على فضل
الإمامة ؛ حيث يختار لها أفضل الناس وأعلمهم .
قال المواق المالكي رحمه الله في "التاج والإكليل" (2/ 470) :
" ( وَإِنْ تَشَاحَّ - للتقدم في الإمامة - مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبْرٍ اقْتَرَعُوا
) قال ابْنُ بَشِيرٍ: بِأَنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ لِفَضْلِهِمْ ، لَا لِرِئَاسَةٍ
: اقْتَرَعُوا " انتهى بمعناه .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" النصوص العامة وإيماؤها وإشارتها تدل على فضل الإمامة سواء في الجمعة أو غيرها ؛
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) "
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2) بترقيم الشاملة .
وإذا كان المأموم له فضل صلاة الجماعة ؛ فإن الإمام يشاركه في ذلك ، ويزيد عليه :
قيامه بالولاية الشرعية ، بإمامته للناس في الصلاة .
غير أن إثبات الفضل المعين ، أو فضيلة الإمام على بعض المأمومين على وجه التعيين ، هو من أمور الغيب التي لا يحل لأحد أن يتجاسر عليها ، من غير خبر من الصادق المصدوق ، ومرد الأمر في ذلك كله إلى رب العالمين .
ثانيا :
لا يتحمل الإمام أخطاء المأمومين ، إنما يتحمل عنهم الجهر في الصلاة الجهرية ،
ويتحمل عنهم قراءة السورة القصيرة أيضا ، كما يتحمل عن بعضهم قراءة الفاتحة إذا جاء
مسبوقا ، كما يتحمل سهو المأمومين ، وقال ابن المنذر : " وأجمعوا على أن ليس على من
سها خلف الإمام سجود ، وانفرد مكحول ، وقال: عليه " .
انتهى من "الإجماع" (ص 40) .
أما إذا أخطأ المأموم فترك القراءة في الصلاة بالكلية ، أو ترك تسبيحات الركوع أو
السجود ، أو عبث في صلاته أو التفت فيها أو نظر إلى السماء ، أو ضحك في الصلاة ، أو
أكثر الحركة فيها بغير حاجة ، أو سبق الإمام ، أو سلم قبله ، ونحو ذلك : فإنه لا
يتحمله عنه الإمام ، وإنما يتحمله هو عن نفسه ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/ 164 .
وينظر جواب السؤال رقم : (142325) .
والله تعالى أعلم .
تعليق