الحمد لله.
أولا :
يجب على الإنسان إذا سمع أذان الجمعة ، وهو الأذان الذي يكون عند حضور الإمام ، أن يسعى إليها ليدرك الاستماع للخطبة والصلاة كاملة ، ولا يجوز لغير صاحب عذر أن يتخلف عن حضور الخطبة .
راجع جواب السؤال رقم : (137936) .
ثانيا :
من أدرك ركعة من الصلاة - الجمعة أو غيرها - فقد أدرك الصلاة ، فمن أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ، ومن لم يدرك ركعة صلى أربعا .
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه" (3/ 172):
" بَابُ الْمُدْرِكِ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُدْرِكَ مِنْهَا رَكْعَةً يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا أُخْرَى ، لَا كَمَا قَالَ بَعْضُ مَنْ زَعَمَ : أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا ، مَعَ الدَّلِيلِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ ظَهْرًا أَرْبَعًا ، [ و] نَقْضُ مَا قَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتَانِ "
ثم روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا ).
ومن طريق الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ ) قَالَ الزُّهْرِيُّ: "فَنَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى".
قال ابن خزيمة رحمه الله :
" فَإِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ) كَانَتِ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا دَاخِلَةً فِي هَذَا الْخَبَرِ، الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ " انتهى .
وقد روى هذا الحديث أبو داود
(1121)، والترمذي (524) ، وبوبا له " بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ
رَكْعَةً " وقال الترمذي عقبه :
" وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ ، قَالُوا : مَنْ
أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الجُمُعَةِ صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى ، وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ
جُلُوسًا صَلَّى أَرْبَعًا ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَابْنُ
المُبَارَكِ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ " انتهى .
وقال النووي رحمه الله :
" مَذْهَبُنَا أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ - من الجمعة
- أَدْرَكَهَا ، وَإِلَّا : فَلَا ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، حَكَاهُ
ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ
وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ ومالك والأوزاعي
والثوري وأبي يوسف وأحمد واسحق وَأَبِي ثَوْرٍ ، قَالَ : وَبِهِ أَقُولُ " انتهى من
"المجموع شرح المهذب" (4/ 558).
راجع جواب السؤال رقم : (22344).
ثالثا :
ما روي عن عمر رضي الله عنه من أن من فاتته الخطبة فليصل أربعا لا يصح عنه :
فقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 460) فقال : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ
، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ : ( إِنَّمَا
جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكِ الْخُطْبَةَ
، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا )
وهذا منقطع بين يحيى بن أبي كثير ، وعمر .
ثم رواه ابن أبي شيبة
(1/461) : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
، عَنْ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : " كَانَتِ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا ،
فَجُعِلَتْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْخُطْبَةِ ، فَمَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ
فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا "
وهذا منقطع أيضا: عمرو بن شعيب من صغار التابعين لم يدرك عمر ، بين وفاتيهما 95 سنة
.
وذكر هذا الحديث الشيخ
الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" (3/ 72) من طريقيه ، وضعفه ، قال:
" ورجاله ثقات ، لكنه منقطع بين يحيى ، وبين عمرو ، وعمر " انتهى .
ولا يتقوى أحدهما بالآخر ؛ لأن الواسطة مجهول فيهما ، فربما كان رجلا واحدا مجهولا ، فيعود الطريقان إلى طريق واحدة .
ومما يؤكد ضعفه أن أصحاب عمر
بن الخطاب رضي الله عنه الذين صحبوه وأخذوا عنه ، قد أفتوا بأن من أدرك ركعة من
الجمعة فقد أدرك الجمعة ، منهم ابنه عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب والأسود
وعلقمة .
انظر : "المصنف" لابن أبي شيبة (1/461-462) .
والله تعالى أعلم .
تعليق