الحمد لله.
العلم علمان : الأول : علم شرعي : فهذا لا يؤخذ عن غير المسلمين ، بل لا يؤخذ إلا عن ثقات المسلمين ، الذين يؤتمنون على الأديان .
والثاني : علم دنيوي ، كالرياضيات وعلوم الكيمياء والفيزياء والعلوم الحربية ونحو ذلك ، فهذا يؤخذ عن المسلمين وعن غير المسلمين ، من غير حرج ، وما زال عمل الناس على ذلك .
روى الإمام أحمد (2216) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ نَاسٌ مِنَ الْأَسْرَى يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِدَاءٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِدَاءَهُمْ أَنْ يُعَلِّمُوا أَوْلَادَ الْأَنْصَارِ الْكِتَابَةَ ، قَالَ: فَجَاءَ غُلَامٌ يَوْمًا يَبْكِي إِلَى أَبِيهِ ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: ضَرَبَنِي مُعَلِّمِي قَالَ: الْخَبِيثُ، يَطْلُبُ بِذَحْلِ بَدْرٍ ، وَاللهِ لَا تَأْتِيهِ أَبَدًا " .
وحسنه محققو المسند .
قال ابن القيم رحمه الله :
" ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَسْرَى أَنَّهُ قَتَلَ
بَعْضَهُمْ ، وَمَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ، وَفَادَى بَعْضَهُمْ بِمَالٍ ... وَفَادَى
بَعْضَهُمْ عَلَى تَعْلِيمِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْكِتَابَةَ " انتهى من
"زاد المعاد" (5/ 59-60) .
وقال الإمام الشَّافِعِيّ
رحمه الله : " لاَ أَعْلَمُ عِلْماً بَعْدَ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ أَنْبَلَ مِنَ
الطِّبِّ إلَّا أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ غَلَبُوْنَا عَلَيْهِ " .
وقَالَ حَرْمَلَةُ : " كَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَلَهَّفُ عَلَى مَا ضَيَّعَ
المُسْلِمُوْنَ مِنَ الطِّبِّ وَيَقُوْلُ: " ضَيَّعُوا ثُلُثَ العِلْمِ وَوَكَلُوهُ
إِلَى اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى " .
انتهى من "سير أعلام النبلاء" (8/ 258) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
:
" الكتب التي ألفها الأقدمون من المسلمين , أو ألفها غير المسلمين وتنفع المسلمين
وتعينهم على الإعداد للعدو , وهم في شتى العلوم الدنيوية : يُعتنى بها أيضا , إن
كانت تنفع المسلمين وتعينهم على إعداد القوة والاجتهاد فيما ينفعهم في دينهم ويقوي
جندهم وجهادهم ضد عدوهم " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (6 /212).
على أن الواجب على مسؤولي التعليم في بلادكم : مراعاة أثر ذلك في نفس الصغار ، والاجتهاد في تخير المعلم المسلم ، الذي يحافظ على النشء ، ويربيه على دينه .
والله تعالى أعلم .
تعليق