الحمد لله.
أولا :
لا يجوز لأحد أن يتعلق بفعل أحد من الناس - كائنا من كان - في مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله عز وجل : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/ 63 ، والمسلم مأمور باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، لا باتباع غيره من الناس ، وسوف يُسأل جميع الناس يوم القيامة عن اتباعهم المرسلين لا غيرهم ، قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) القصص/65 .
وانظر جواب السؤال رقم : (122505) .
والواجب على الداعية أن يتحلى بالصفات الكريمة التي تؤهله لهذا المقام الشريف ، وهذه المنزلة السامية ، وأن يكون قدوة للناس في تطبيق السنة ومراعاة آدابها .
ثانيا :
هذه المسائل التي ذكرتها هي
مسائل اختلف العلماء في حكمها .
أما الإسبال فجمهور أهل العلم على أنه لا يحرم إلا إذا كان على سبيل الكِبر ،
واختار آخرون من أهل العلم : تحريمه مطلقا .
والخلاف في مثل ذلك : خلاف سائغ ، والأدلة تحتمله ، لأنه ليس من مسائل القطع
واليقين ؛ فمثل هذه المسألة لا إنكار فيها على المخالف إذا أخذ بأحد القولين وهو
يرى أنه الصواب .
وانظر جواب السؤال رقم : (70491) ، فقد
بينا فيه عدم جواز الإنكار في المسائل الاجتهادية .
ووينظر - أيضا - للفائدة : جواب السؤال رقم : (177830)
.
ولا يجوز أن تكون هذه المسألة وأمثالها مثارا للطعن في الأشخاص ، واتهامهم بأنهم يخالفون السنة ، أو يهونون من شأنها ، ونحو ذلك من العبارات التي يطلقها بعض من يخالفهم .
وأما حلق اللحية ، أو
تقصيرها ، فأكثر العلماء على وجوب إعفائها ، وهو الصواب ، وذهب قليل من العلماء إلى
كراهة حلقها وعدم تحريمه .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (82720)
ورقم : (127742) .
وقد يكون المقصر لها معذورا ولا يريد أن يذكر عذره عند الناس ، أو يكون متأولا ، فيرى مثلا أن أصل السنة في إعفاء اللحية : يتحقق ، ولو بقدر يسير منها ، أو نحو ذلك من التأويلات .
فمثل هذه المسائل : لا ينبغي أن تجعل أصلا من الأصول ، فتكون هي أساسنا في الحكم على الأشخاص ، وهي التي تشغل أوقاتنا وأذهاننا ومجالسنا ، وتكون مثارا للنزاع والشقاق ، وتفرق القلوب ، ووقوع الشحناء والبغضاء بين المسلمين ؛ لا سيما من يعيش منهم في بلاد الغرب ، فهم أحوج الناس إلى التآلف والتواد والتراحم فيما بينهم ، والحذر مما يلقيه الشيطان في قلوب العباد .
ولا مانع من التباحث والنصح والإنكار في هذه المسألة وأمثالها ، بل ذلك مطلوب ، ولكن القصد : هو عدم المبالغة فيها ، وتحويلها إلى مسائل ولاء وبراء ، ومفاصلات ، ومنازعات ، والانهماك في مثل هذه المسائل ، والانشغال بها عما هو أهم منها في الدين ، وأعظم منها في تحقيق العبودية ، وامتثال الأمر .
وأبعد من ذلك عن الصواب ،
وأدخل في الخطأ والبدعة : أن يترك الرجل صلاة الجماعة ، خلف من هذه حاله ، أو
الانتفاع بما عنده من الخير والعلم النافع ، لا سيما في بلاد الغرب ، التي يقل فيها
المنشغل بالعلم والدعوة ، وتعظم فيها حاجة الناس إلى مثل ذلك .
قال الإمام الذهبي رحمه الله :
" وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ - مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ،
وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ - أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ
يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ "
انتهى من " سير أعلام النبلاء " (14/376) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (147193)
.
وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى .
والله تعالى أعلم .
تعليق