الحمد لله.
الكذب صفة مذمومة ، وهي من صفات المنافقين ، ولا يزال الإنسان يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ، ومن اعتاد الكذب انطبعت به خلاله ، فتجده يغش ويخدع ويماري ويداري ويداهن ويحلف بالباطل ويخلف الوعد ويغدر في العهد ولا يتقن العمل ، إلى غير ذلك من الصفات الذميمة والأفعال السيئة التي تنتج عن اعتياد الكذب ، ولذلك فلا بد من محاربة هذه الآفة ، وإرشاد الناس إلى الصدق وحسن الخلق .
وهناك عدة أمور لا بد من مراعاتها عند الحاجة إلى التعامل مع هؤلاء الذين يتصفون بهذه الصفة ، منها :
- النصح لهم ؛ فالدين النصيحة ، والمسلم أخو المسلم يحب له الخير ، ويكره له الشر ، ويكون ذلك بالترغيب في الصدق وبيان محامده في الدنيا والآخرة ، وبالترهيب من الكذب وبيان مفاسده في الدنيا والآخرة .
- عدم الاعتماد على ما يروونه من أخبار ، وما يذكرونه من أمور ، وخاصة فيما يتعلق بحقوق الناس ، لأن الكذب مسقط للعدالة .
- الاستعانة عليهم في نصحهم وإرشادهم بمن يسمعون لهم ، ويقبلون منهم النصح والإرشاد ، من أهل العقل والدين من أقربائهم ومعارفهم وأصدقائهم وزملائهم .
- إذا كثر كذبهم واستشرى فسادهم وزاد أذاهم للناس فلا حرمة لهم ، والواجب التحذير منهم مكاشفة ، وذكرهم بعيبهم أمام الناس ليحذروهم ؛ لأنهم فساق معلنون .
قال علماء اللجنة :
" دل على أنه لا غيبة لفاسق قد أظهر المعصية ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر عليه بجنازة فأثنى عليها الحاضرون شرا، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبت) ومر عليه بأخرى فأثنوا عليها خيرا، فقال صلى الله عليه وسلم: (وجبت) فسألوه صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله وجبت؟ فقال: (هذه أثنيتم عليها شرا فوجبت لها النار، وهذه أثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنة، أنتم شهداء الله في أرضه) متفق عليه ، ولم ينكر عليهم ثناءهم على الجنازة شرا التي علموا فسق صاحبها، فدل ذلك على أن من أظهر الشر لا غيبة له " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/ 21) .
وينظر جواب السؤال رقم 106413 .
- لا تصاحب الكذابين ، واجتنبهم ما استطعت ، فإن خلائق السوء تعدي ، والمرء على دين خليله . قال الشاعر :
ودعِ الكذوبُ فلا يكنْ لكَ صاحباً ... إِن الكذوبَ : لبئسِ خِلاً يُصحبُ
وقال ابن المعتز :
" اجتنِبْ مصاحبة الكذاب ، فإن اضطررت إليه فلا تصدّقه ، ولا تُعلِمه أنك تكذبه ، فينتقل عن وده ، ولا ينتقل عن طبعه ..." .
"زهر الآداب (1 /387).
- لا تأمنهم على شيء ، فإنهم كما يكذبون على الناس يكذبون عليك ، وكما يخونونهم يخونونك .
قال الحسن بن سهل : " الكذاب لِصّ ؛ لأن اللص يسرقُ مالك ، والكذاب يسرقُ عقلك ؛ ولا تأمن مَنْ كذب لك ، أنْ يَكذِب عليك ، ومن اغتاب غيرَك عندك ، فلا تأمَنْ أن يغتابَك عند غيرك " انتهى .
"زهر الآداب (1 /386).
والله تعالى أعلم .
تعليق