الحمد لله.
أولاً :
سبق في جواب السؤال رقم : (137971) أن من تنازل عن حقه في الميراث باختيار منه ، وهو بالغ عاقل ، أن تنازله يصح ، ويكون حكم ذلك التنازل حكم الهبة .
ثانياً :
الجزء الذي لم يقسم بين أبيك وعمك ، إذا كان مما قد وقع عليه التنازل من قِبل عماتك
أيضاً ، فهو داخل في نصيب عمك وأبيك ، فيملك كل واحد منهما النصف في ذلك الجزء ،
كما هو الحال في باقي الأرض .
وعليه ، فنصيب عمك من ذلك الجزء ومن باقي الأرض ، يعد
من تركته ، فيقسم بين ورثته على النحو التالي :
الزوجة ( التي هي زوجة عمك ) لها الربع ؛ لعدم وجود
ولد لعمك ، قال تعالى : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُم إِنْ لَمْ يَكُنْ
لَكُمْ وَلَدٌ ) النساء / 12 .
وبالنسبة لشقيقات عمك ( عماتك الثلاث ) ، فلهن الثلثان
؛ لقوله تعالى : ( فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا
تَرَكَ ) النساء / 167 ، ويقسم الثلثان بينهن بالسوية .
وعند تقسيم التركة : تقسم التركة إلى اثني عشر (12) جزءا متساويا ، للزوجة منهن
الربع ، وهو ثلاثة (3) ، وللأخوات منهن الثلثان ، وهما ثمانية (8) ، ويبقى واحد
يكون للعصبة ، وهم أنت وإخوانك الذكور فقط دون الإناث .
ومن مات من عماتك بعد ذلك ، فنصيبها لورثتها من بعدها.
وبهذا يتبين جواب سؤالك : هل ترث أنت وإخوانك من عمك أم لا ؟
والجواب : أنك ترث أنت وإخوانك الذكور ما تبقى بعد نصيب عماتك وزوجة عمك . لقوله
عليه الصلاة والسلام : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا ، فَمَا بَقِيَ
فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6732) ، ومسلم (1615) .
والمتنازل عن حقه في الميراث حكمه حكم الواهب ،
والواهب إذا وهب شخصاً مالاً ، ثم مات من وُهِب له ذلك المال ، وكان من ورثته ذلك
الواهب ، فإنه يرث من تركته ، ولا يعد أخذه للميراث بعد ذلك رجوعاً في الهبة ؛ لأنه
قد تملك تلك العين بسبب آخر ، وهو الميراث .
ويدل على هذا ما رواه مسلم (1149) عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "
بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ ، فَقَالَتْ : إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي
بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ . فَقَالَ : ( وَجَبَ أَجْرُكِ ، وَرَدَّهَا
عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ ) " .
ونقل ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري عند شرحه حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما
أراد أن يشتري الفرس الذي تصدق به فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم ، نقل إجماع
العلماء على أن من تصدق بصدقة ثم ورثها أنه حلال له . (6/82) بترقيم الشاملة .
وقال ابن عبد البر رحمه الله : " وكل العلماء يقولون : إذا رجعت إليه بالميراث طابت
له " .
انتهى من " التمهيد " (3/260) .
وبعض العلماء يحكي في المسألة خلافا ، ولكنه خلاف ضعيف ، فالقول الأول إن لم يكن
إجماعا فهو قول جماهير العلماء ، وتؤيده السنة النبوية كما سبق .
والله أعلم .
تعليق