الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

إذا طلعت الشمس من مغربها أغلق باب التوبة ولم يفتح إلى قيام الساعة

224986

تاريخ النشر : 17-03-2015

المشاهدات : 71633

السؤال


هل من ولد بعد طلوع الشمس من مغربها له الحق في التوبة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
دلت النصوص على أن التوبة لا تنفع صاحبها بعد طلوع الشمس من مغربها .
قال الله تعالى : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ) الأنعام : 158 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد ببعض آيات الله : طلوع الشمس من مغربها ، وأن الناس إذا رأوها آمنوا ، فلم ينفعهم إيمانهم ، ويُغلق حينئذ بابُ التوبة " انتهى من " تفسير السعدي " (ص/281) .

وقد روى البخاري (4635) – واللفظ له - ، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا ، فَذَاكَ حِينَ : ( لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) ) .
وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) رواه مسلم (2703) .

ثانياً :
ذكر بعض أهل العلم رحمهم الله : أن غلق باب التوبة عند طلوع الشمس من مغربها ، إنما هو خاص بأهل ذلك الزمان الذين أدركوا ذلك الحدث العظيم ، فلو تطاول الزمان بعد ذلك حتى نُسي ذلك الخبر ، أو كان يخبر عنه آحاد من الناس : صحت التوبة والإسلام في ذلك الزمان .

غير أن هذا القول ضعيف ، والأحاديث تدل على أن باب التوبة يغلق بطلوع الشمس من مغربها مطلقا ، ولم يرد فيها أنه يفتح بعد ذلك .
ولذلك رد الحافظ ابن حجر رحمه الله هذا القول ، فقال : " وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة تُخَالِفهُ ؛ فَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ : ( مَنْ تَابَ قَبْل أَنْ تَطْلُع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا تَابَ اللَّه عَلَيْهِ ) ؛ فَمَفْهُومه أَنَّ مَنْ تَابَ بَعْد ذَلِكَ لَمْ تُقْبَل . وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيث مُعَاوِيَة رَفَعَهُ : ( لَا تَزَال تُقْبَل التَّوْبَة حَتَّى يَطْلُع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا ) وَسَنَدُهُ جَيِّدٌ ... " .
ثم ذكر أحاديث أخرى وآثارا عن الصحابة بهذا المعنى ثم قال : " فَهَذِهِ آثَارٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ مِنْ الْمُغْرِب أُغْلِقَ بَابِ التَّوْبَة وَلَمْ يُفْتَح بَعْد ذَلِكَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصّ بِيَوْمِ الطُّلُوع بَلْ يَمْتَدّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " انتهى من " فتح الباري " (11/363) .

وعلى هذا ، فليس هناك من الأدلة الشرعية ما يدل على أن باب التوبة إذا أغلق يفتح مرة أخرى .

ثالثا :
أما السؤال عمن ولد بعد طلوع الشمس من مغربها فيشبه أن يكون فيه شيء من التكلف والتعمق الذي نهينا عنه ، لاسيما ونحن لا ندري كم يبقى بعد طلوع الشمس من مغربها حتى تقوم الساعة ؟
وقد ورد عن بعض السلف أنها عدة أشهر ، وورد غير ذلك . فالله أعلم .

غير أن الذي ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن علامات الساعة الكبرى إذا ظهرت ، فهي متتابعة كحبات العقد ؛ إذا انقطع تساقطت حباته واحدة تلو الأخرى .
فروى أحمد (6743) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِي سِلْكٍ ؛ فَإِنْ يُقْطَعْ السِّلْكُ يَتْبَعْ بَعْضُهَا بَعْضًا ) ، صححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1762) .

فعلى المسلم أن ينشغل بما ينفعه ، ويستعد لذلك اليوم بالتوبة والاستقامة على أمر الله ، ويدع تكلف المسائل ، وقدح زناد العقل في الأغاليط ، وما لا نفع له في دينه .

نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب