الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

تخريج حديث : ( مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِعِزِّهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا ذُلًّا...)

230202

تاريخ النشر : 16-06-2015

المشاهدات : 104486

السؤال


ما مصدر وصحة هذا الحديث : ( من تزوج امرأة لحسبها فلا زاد الله في حسبه ، ومن تزوجها لمالها فلا زاد الله في ماله ، ومن تزوجها لنسبها فلا زاد الله في نسبه، ولكن من تزوجها لحفظ بصره وفرجه فبارك الله له فيها ) ؟ وهل هناك أجر أو أحاديث تنص على أجر من يتزوج فقط لمجرد حفظ فرجه وبصره ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
روى الطبراني في "الأوسط" (2342) ، وفي "مسند الشاميين" (11) - ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (5/245) - ، وابن حبان في "المجروحين" (2/ 151) من طريق عَبْد السَّلَامِ بْن عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِعِزِّهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا ذُلًّا ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِمَالِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا فَقْرًا ، وَمَنْ تَزَوَّجَهَا لِحَسَبِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا دَنَاءَةً ، وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَتَزَوَّجْهَا إِلَّا لِيَغُضَّ بَصَرَهُ أَوْ لِيُحْصِنَ فَرْجَهُ ، أَوْ يَصِلَ رَحِمَهُ بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا ، وَبَارَكَ لَهَا فِيهِ ) .
وقال الطبراني عقبه : لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا عَبْدُ السَّلَامِ " .
وعبد السلام هذا متروك الحديث ، قال العقيلي : لا يتابع على شيء من حديثه .
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات ، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ .
"ميزان الاعتدال" (2/ 617) .
وقال الشوكاني رحمه الله في "الفوائد المجموعة" (ص 121):
" في إسناده: عبد السلام بن عبد القدوس ، يروي الموضوعات " انتهى .
وذكر الألباني هذا الحديث في "الضعيفة" (1055) وقال : " ضعيف جدا " .

ورواه أبو طاهر المخلِّص في " المُخَلِّصيَّات " (4/ 111) من طريق يحيى بن عثمانَ السمسار البصريّ قالَ : حدثنا إسماعيلُ وهو ابنُ عيّاشٍ ، عن عبَّادِ بنِ كثيرٍ ، عمَّن سمعَ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ : قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ... فذكره .
وهذا إسناد واه جدا ، عباد بن كثير هو الثقفي البصري ، قال ابن معين : لا يكتب حديثه ، وقال أيضا : ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : لا يكتب حديثه ، وقال البخاري: تركوه ، وقال النسائي والعجلي : متروك الحديث ، وقال البرقي : ليس بثقة .
"تهذيب التهذيب" (5/ 100) .
وإسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل الشام ضعيفة ، وهذه منها .
انظر : "التهذيب" (1/ 324) .
ثم هو منقطع بين عباد بن كثير وأنس رضي الله عنه ، لقوله في روايته : " عمن سمع أنس بن مالك "

ثانيا :
ابتغاء النكاح لحفظ البصر والفرج من الحرام : مقصد شرعي ، يؤجر صاحبه عليه ، إن شاء الله ، ويرجى له به العون من الله . وقد دلت على ذلك النصوص الشرعية :
روى البخاري (5065) ، ومسلم (1400) عن ابن مسعود قَالَ : " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .
فقوله : (فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) بيان أن الحكمة من الأمر بالتزوج : غض البصر وحفظ الفرج .
قال القاري رحمه الله في "المرقاة (5/ 2041):
" (فَإِنَّهُ) أَيْ: التَّزَوُّجَ (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ) أَيْ: أَخْفَضُ ، وَأَدْفَعُ لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّجِ عَنِ الْأَجْنَبِيَّةِ ، مِنْ : غَضّ طَرْفه ؛ أَيْ: خَفْضه وَكَفّه (وَأَحْصَنُ) أَيْ: أَحْفَظُ (لِلْفَرْجِ) أَيْ: عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ " انتهى .
وروى الترمذي (1655) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ " وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي" .
قال المناوي رحمه الله :
"(والناكح الذي يريد العفاف) أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما " .
انتهى من "فيض القدير" (3/ 317) .
فالذي يبادر بالزواج لصيانة نفسه وحفظ بصره وفرجه مطيع لله ولرسوله ، وهذا أزكى لنفسه ، وأطهر لقلبه ، وحق على الله أن يعينه ، تفضلا منه وكرما ، ومن كانت هذه حاله : فله الأجر والمثوبة عند الله .
وهناك مقاصد شرعية أخرى يقصدها المسلم بالنكاح كالولد الصالح ، وتكثير عدد المسلمين ، وصيانة المرأة وعفتها ، وبناء البيت المسلم ، والسعي في طلب الرزق والنفقة على الزوجة والأولاد ، فكل هذه مقاصد شرعية يؤجر عليها .
وانظر السؤال رقم : (34170) ، ورقم : (10376) .
ولا حرج على الرجل أن يطلب المرأة لجمالها ، فذلك أمر فطري ، لا يعاب في نفسه ، بل قد يمدح ، إذا كان ذلك أعون لصاحبه على أن يغض بصره ، ويحصن فرجه ، وإنما الذي ينبغي له أن يجعل وصف الدين فيمن يتزوجها هو الباعث الأول له على اختياره ، بحيث يقدمه على ما سواه من الأوصاف والمقاصد ؛ فمتى تحقق له الدين مع الجمال ، فهو خير وأفضل له ، ومتى طلب المرأة لجمالها ، مع تحقيقها للدين الواجب ، والتعفف والحجاب : فلا حرج عليه ، وإن ترك من هي أدين منها وأفضل .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب