الحمد لله.
أولا :
الحسن والحسين رضي الله عنهما ، سيدا شباب أهل الجنة ، وحبهما من الإيمان ، وبغضهما من النفاق ، وقد كانا من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأحاديث الصحيحة في فضلهما وعلو منزلتهما ومكانتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة مشهورة .
وكان صلى الله عليه وسلم يقربهما ويداعبهما ويقبلهما .
روى مسلم (2318) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ ، فَقَالَ : إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ) " .
وروى أحمد (9673) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ هَذَا عَلَى عَاتِقِهِ ، وَهَذَا عَلَى عَاتِقِهِ ، وَهُوَ يَلْثِمُ هَذَا مَرَّةً ، وهَذَا مَرَّةً - يعني يقبّل - حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ تُحِبُّهُمَا، فَقَالَ: ( مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) " وحسنه محققو المسند .
ثانيا :
اشتهر عند أهل التاريخ أن الحسن رضي الله عنه مات مسموما ، والراجح أنه مات كما
يموت الناس بغير سم ولا غيره ، كما بيناه في جواب السؤال رقم : (212389).
أما الحسين رضي الله عنه : فقتل شهيدا بكربلاء .
انظر جواب السؤال رقم : (112051) .
ثالثا :
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين رضي الله عنه ، فروى أحمد (26524) عَنْ
عَائِشَةَ ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا : ( لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ
يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ
، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا )
قَالَ: ( فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ ) " وحسنه محققو المسند ، وله شواهد متعددة
.
وانظر : "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألباني (821)، (822)، (1171) .
ولا يثبت في قتل الحسين إلا
أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عنه ، ولم نقف على شيء ورد في شأن قاتله ، إلا ما
ذكره السخاوي رحمه الله في "المقاصد الحسنة" (ص 483) فقال :
" حديث : ( قَاتِلُ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ، عليه نصف عذاب أهل الدنيا
) .
قال شيخنا - يعني الحافظ ابن حجر -: " قد ورد عن علي رفعه من طريق واهٍ " انتهى .
والذين تولوا قتله رضي الله عنه أو أعانوا عليه أو رضوا به : هم من أهل الفساد والظلم والعدوان ، وأمرهم إلى الله تعالى ، يحكم فيهم يوم القيامة بما يشاء ، ونحن نبرأ إلى الله من ذلك ، ونشهد الله على محبة الحسن والحسين وأبيهما وأمهما رضي الله عنهم أجمعين .
وأما ما ذكره السائل من أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عنق الحسين ويقول له " ستموت مذبوحا " وكان يقبل
فم الحسن ويقول له " ستموت مسموما " : فلم نجد له أصلا ، والظاهر أنه من افتراءات
الرافضة وأكاذيبهم ، فإنهم من أكذب الناس وأشدهم افتراء .
وقد سبق أن ذكرنا أن الحسن رضي الله عنه مات كما يموت غيره من الناس ، وما يروى في
سمه لا يثبت منه شيء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ ، وَالرِّوَايَةِ ، وَالْإِسْنَادِ عَلَى
أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ ، وَالْكَذِبُ فِيهِمْ قَدِيمٌ ،
وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يَعْلَمُونَ امْتِيَازَهُمْ بِكَثْرَةِ
الْكَذِبِ " .
انتهى من "منهاج السنة النبوية" (1/ 59) .
والله تعالى أعلم .
تعليق