الحمد لله.
قال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه :
حدثنا عَفَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : ثَابِتٌ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا الصَّلَاةَ فِي قَبْرِهِ ، فَأَعْطِنِي الصَّلَاةَ فِي قَبْرِي " .
وهكذا رواه ابن سعد في " الطبقات " (7/174) ، وأبو العباس الأصم في جزئه (18) من طريق عفان به .
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .
وله شاهد رواه البيهقي في "
الشعب " (4/ 519) ، وابن الجعد في مسنده (ص209) ، وأبو نعيم في " الحلية " (2/319)
من طريق ضَمرَة، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: " سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ،
يَقُولُ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، يُصَلِّي لَكَ
فِي قَبْرِهِ : فَأعْطِنِيهِ .
ورواه ابن الجعد أيضا (ص: 209) من طريق سَيَّار، نا جَعْفَرٌ قَالَ: " سَمِعْتُ
ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَذِنْتَ لِأَحَدٍ أَنْ
يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ، فَأْذَنْ لِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي قَبْرِي " .
فهذا الأثر إلى هذا الحد صحيح .
ولكن روى أبو نعيم في "
الحلية " (2/ 319) من طريق مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز، قَالَ: ثنا شَيْبَانُ
بْنُ جِسْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَنَا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
أَدْخَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ لَحْدَهُ ، وَمَعِيَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، أَوْ
رَجُلٌ غَيْرُهُ -شَكَّ مُحَمَّدٌ- قَالَ: فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ
سَقَطَتْ لَبِنَةٌ ، فَإِذَا أَنَا بِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ ، فَقُلْتُ لِلَّذِي
مَعَهُ: أَلَا تَرَى؟ قَالَ: اسْكُتْ .
فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ ، وَفَرَغْنَا ، أَتَيْنَا ابْنَتَهُ ، فَقُلْنَا
لَهَا: مَا كَانَ عَمَلُ أَبِيكَ ثَابِتٍ؟!
فَقَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُمْ؟
فَأَخْبَرْنَاهَا !!
فَقَالَتْ: كَانَ يقُومُ اللَّيْلَ خَمْسِينَ سَنَةً ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ ،
قَالَ فِي دُعَائِهِ: " اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ
الصَّلَاةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِيهَا "، فَمَا كَانَ اللهُ لِيَرُدَّ ذَلِكَ
الدُّعَاءَ " .
وابن سنان القزاز : كذبه أبو
داود ، وابن خراش ، وقال الدارقطني: لا بأس به ، ووثقه مسلمة بن قاسم .
انظر "التهذيب" (9/206) .
وشيبان بن جسر لم نجد له ترجمة .
وأبو جسر بن فرقد ضعيف ، ضعفه ابن معين ، والبخاري ، والنسائي .
انظر : "الميزان" (1/398) .
فهذا إسناد ضعيف ، واهٍ .
وله شاهد : رواه ابن أبي
الدنيا في " القبور " (132) من طريق خالد بن يزيد القسام ثنا الربيع بن صبيح قال :
" لما مات ثابت البناني دخلت أنا وحميد الطويل وجسر أبو جعفر قبره ..." فذكره .
والربيع : ضعفه ابن معين ، والنسائي ، وابن المديني ، وغيرهم .
انظر : "الميزان" (2/41) .
والقسام لم نجد له ترجمة .
فالثابت عن ثابت رحمه الله : إنما هو دعاؤه بأن يعطى ذلك في قبره .
وأما حصوله في قبره : فلم نقف عليه من وجه يثبت ، والرواية فيه ضعيفة ، على ما تقدم
بيانه آنفا .
ولذلك قال الذهبي رحمه الله في "السير "(5/ 520):
عَفَّانُ عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ ، قَالَ: كَانَ ثَابِتٌ يَقُوْلُ: "
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَداً الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِي
الصَّلاَةَ فِي قَبْرِي " .
فأثبت ذلك بالسند الصحيح ، ثم قال :
" فَيُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ اسْتُجِيْبَتْ لَهُ، وَإِنَّهُ رُئِيَ بَعْدَ
مَوْتِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، فِيْمَا قِيْلَ " انتهى .
فذكر ذلك بصيغة التمريض : "
فيقال " ، " فيما قيل " إشارة منه إلى عدم ثبوت ذلك بالسند الصحيح .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (142769)
.
والله أعلم.
تعليق