الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل من السنة أن يستغفر الإمام للصف المقدم ثلاثا ، وللثاني مرة ؟

241175

تاريخ النشر : 18-04-2016

المشاهدات : 12082

السؤال


ما شرح الحديث الآتي : " كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَلِلثَّانِي مَرَّةً " ؟ ، وهل يقوله الإمام فقط ؟ وهل يقال سرا أو جهرا ؟ ومتى يقوله ؟

الجواب

الحمد لله.


روى ابن ماجة (996) ، وأحمد (17141) ، وابن خزيمة في صحيحه (1558) عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلَاثًا وَلِلثَّانِي مَرَّةً "
وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " ، وكذا صححه محققو المسند .
قال المناوي رحمه الله :
" أي يطلب من الله الغفر ، أي الستر ، لذنوب أهل الصف الأول في الصلاة ، وهو الذي يلي الإمام ، ويكرره (ثلاثا) من المرات ، اعتناء بشأنهم (وللثاني مرة) أي : ويستغفر للصف الثاني مرة واحدة ، إشارة إلى أنهم دون الأول في الفضل ، وسكت عما دون ذلك من الصفوف ، فكأنه كان لا يخصهم بالاستغفار، تأديبا لهم على تقصيرهم وتهاونهم في حيازة فضل ذينك الصفين" انتهى من "فيض القدير" (5/ 219) .
ورواه النسائي (817) ولفظه :
" كَانَ يُصَلِّي عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ ثَلَاثًا، وَعَلَى الثَّانِي وَاحِدَةً " .
قال السندي رحمه الله :
" أَي يَدْعُو لَهُم بِالرَّحْمَةِ ، ويستغفر لَهُم ثَلَاث مَرَّات ، كَمَا فعل بالمُحَلِّقين والمُقَصِّرين .
وَالظَّاهِر أَنه دَعَا لَهُم ، أَعم من أَن يكون بِلَفْظ الصَّلَاة أَو غَيره ، وَيحْتَمل خُصُوص لفظ الصَّلَاة أَيْضا " انتهى من " حاشية السندي على النسائي " (2/ 93) .
يشير رحمه الله بقوله " كَمَا فعل بالمحلقين والمقصرين " إلى ما رواه مسلم (1303) عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ جَدَّتِهِ: " أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً " .
ورواه البخاري (1728) ، ومسلم (1302) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟ ، قَالَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ ؟، قَالَ: ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله ِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: ( وَلِلْمُقَصِّرِينَ ) ".

وهذا يدل على أن مثل ذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ، يعني أنه : ليس من السنة أن يدعو الإمام للصف الأول ثلاث مرات ، وللصف الثاني مرة ، ولا أن يدعو الإمام في الحج للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة ، وإنما هو شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم لبيان فضل الصف الأول على الثاني ، وفضل الثاني على ما يليه من الصفوف ، ولبيان فضل التحليق على التقصير ، ولحث المسلمين على فعل الأفضل .

ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين والمقصرين ليس خاصا بالصحابة ، وإنما هو دعاء شامل لجميع الأمة ، كما ذكر ذلك ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري (7/469) الشاملة ، فلا يبعد أن يقال ذلك أيضا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للصفين الأول والثاني .

وهذا كما روى أبو داود (664) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ) ولفظ النسائي (811) : (على الصفوف المتقدمة) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال السندي :
"( عَلَى الصُّفُوف الْمُتَقَدِّمَة ) أَيْ عَلَى الصَّفّ الْمُتَقَدِّم فِي كُلّ مَسْجِد ، أَوْ فِي كُلّ جَمَاعَة ، فَالْجَمْع بِاعْتِبَارِ تَعَدُّد الْمَسَاجِد ، أَوْ تَعَدُّد الْجَمَاعَات ، أَوْ الْمُرَاد الصُّفُوف الْمُتَقَدِّمَة عَلَى الصَّفّ الْأَخِير ، فَالصَّلَاة مِنْ اللَّه تَعَالَى تَشْمَل كُلّ صَفّ عَلَى حَسْب تَقَدُّمه ، إِلَّا الْأَخِير فَلَا حَظّ لَهُ مِنْهَا، لِفَوَاتِ التَّقَدُّم ، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم" انتهى .

فهذا الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم موافق لصلاة الله تعالى وملائكته على الصفوف المتقدمة ، فيكون الله تعالى وملائكته ورسوله صلى الله عليه وسلم يصلون على الصف الأول والثاني .

والحاصل :
أنه لا يظهر من السنة ، أو فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والأئمة من بعده : أن يدعو الإمام لأصحاب الصف الأول ثلاثا ، ولأصحاب الصف الثاني مرة ، لا سرا ولا جهرا .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب