الحمد لله.
أولا:
ينبغي أن يتولى الإنسان بنفسه إخراج الزكاة ، وأن يتحرى بها المستحقين ، لا سيما إن كانوا من أقربائه ، فإن الصدقة على القريب صدقة وصلة .
ويجوز أن يعطيها للجمعيات الخيرية التي يقوم عليها مسلمون ثقات ، يتحرون إيصالها لأهلها.
وأما إعطاؤها لغير المسلمين
، أو لغير الثقات من المسلمين ، فلا يجوز؛ لعدم الثقة في إيصالهم لها للأصناف
المعتبرة شرعا.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز دفع الزكاة للجمعيات الخيرية ؟
فأجاب: " إذا كان القائمون عليها ثقات مأمونين ، يقدمون الزكاة في مصرفها الشرعي :
فلا بأس بدفع الزكاة إليهم ، لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى" >
انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (14/254).
وعليه ، فإذا كانت جمعيات
الإغاثة ، أو صندوق الزكاة ، يقوم عليه مسلمون ثقات ، يغلب على الظن أنهم يتحرون
إيصال الزكاة لأهلها : جاز إعطاؤها لهم.
ثانيا:
يجب إخراج زكاة النقود نقودا، ولا يجوز إخراجها أشياء عينية ، كطعام أو أدوية أو
ملابس، في قول جمهور الفقهاء.
وأجاز ذلك أبو حنيفة رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقيده بما إذا كان
لحاجة أو مصلحة، كأن يكون الفقير سفيها مبذرا أو مجنونا أو يتيماً لا ولي له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا
مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ : مَمْنُوعٌ مِنْهُ ...
وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا ، فَقَدْ يَعْدِلُ
الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ .
وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي
قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ .
وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ :
فَلا بَأْسَ بِهِ" .
انتهى " مجموع الفتاوى" ( 25/82 ).
وانظر: جواب السؤال رقم: (138684) .
لكن لا يجوز دفع الزكاة في شراء أجهزة طبية ؛ لأن شرط الزكاة تمليكها للمستحق ، وهذه الأجهزة لن يتملكها المريض ، ثم إنه ينتفع بها من يستحق الزكاة ، ومن لا يستحقها .
ثالثا:
الأصل إخراج الزكاة في بلد المال ، لكن إن دعت الحاجة إلى نقلها ، كأن يكون فقراء
البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة ، أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء ، أو نحو ذلك
: جاز النقل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: " والأفضل إخراج زكاة كل مال في
فقراء بلده ولا يجوز نقلها إلى ما تقصر فيه الصلاة) :
قوله: والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده وذلك لوجوه:
أولاً: أنه أيسر للمكلف؛ لأن في نقلها من بلد إلى آخر مشقة وكلفة.
ثانياً: أنه أكثر أماناً؛ لأن في السفر عرضة لتلفها.
ثالثاً: أن أهل البلد أقرب الناس إليك، والقريب له حق، الأقربون أولى بالمعروف.
رابعاً: أن فقراء بلدك تتعلق أطماعهم بما عندك من المال، بخلاف الأبعدين، فربما لا
يعرفون عنك شيئاً.
خامساً: أنك إذا أعطيت أهل بلدك، يغرس بينك وبينهم بذرة المودة والمحبة، وهذا له
أثر كبير للتعاون فيما بين أهل البلد "
إلى أن قال: " وقال بعض العلماء: يجوز نقلها إلى البلد البعيد والقريب للحاجة أو
للمصلحة.
فالحاجة مثل ما لو كان البلد البعيد أهله أشدُّ فقراً.
والمصلحة مثل أن يكون لصاحب الزكاة أقارب فقراء في بلد بعيد ، يساوون فقراء بلده في
الحاجة ، فإن دفعها إلى أقاربه حصلت المصلحة ، وهي صدقة وصلة رحم.
أو يكون ـ مثلاً ـ في بلد بعيد طلاب علم حاجتهم مساوية لحاجة فقراء بلده .
وهذا القول هو الصحيح وهو الذي عليه العمل ؛ لعموم الدليل: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة: 60] أي: للفقراء والمساكين في كل مكان" .
انتهى من "الشرح الممتع "(6/72).
تعليق