الحمد لله.
أولا:
التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة كما هو مذهب الشافعي وأحمد ، فالواجب تعلمه ، فإن ضاق الوقت ، ولم يتمكن من ذلك : أتى ببدله ، وهو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، كمن عجز عن الفاتحة ، وإن استطاع أن يقرأه من ورقة لزمه ذلك.
قال الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (2/82): " ولو عجز عن التشهد أتى ببدله ، كما هو ظاهر.
وينبغي اعتبار وجوب اشتمال بدله على الثناء ، حيث أمكن.
وهل يعتبر اشتماله على (التوحيد) [يعني : الشهاديتن] مع الإمكان؟ فيه نظر...
وقوله: وهل يعتبر إلخ : الظاهر أنه يعتبر ؛ بل هو أولى بالاعتبار من الاشتمال على الثناء" انتهى.
أي يلزم اشتمال البدل على التوحيد ، والثناء على الله تعالى.
وقال قليوبي رحمه الله في حاشيته (1/190): " لو عجز عن التشهد جالسا ، لكونه مكتوبا على رأس جدار مثلا : قام له ، كما في الفاتحة ، في عكسه , ثم يجلس للسلام" انتهى.
ويؤخذ من هذا : وجوب قراءة التشهد من ورقة ، أو من مسجلة على الهاتف ، ونحو ذلك ، لمن لم يحفظه ، وكان يستطيع القراءة، وهذا مقدم على الإتيان بالبدل.
والأصل في مشروعية البدل عند
العجز: ما روى أبو داود (832) ، والنسائي (924) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
أَوْفَى قَالَ : " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا ،
فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ ؟ قَالَ : ( قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ
وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ).
قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا لِي ؟
قَالَ : قُلْ : ( اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي ).
فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ !!
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا هَذَا فَقَدْ
مَلَأَ يَدَهُ مِنْ الْخَيْرِ) ".
والحديث : جوَّد إسنادَه المنذري في "الترغيب والترهيب" ( 2 /430 ) ، وأشار إلى
تحسينه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" ( 1/236 )، وحسنه الألباني في "صحيح أبي
داود".
وسئل الشيخ ابن باز رحمه
الله :
عندنا في بلدنا الكثير من الناس لا يحفظون التحيات؛ التشهد الأول، فهل تصح صلاتهم
من غير التشهد ، علما بأنهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، أم يلزمنا أن نعلم من
استطعنا منهم؟
فأجاب : " يلزمهم التعلم لجميع ما يجب في صلاتهم، يتعلمون الفاتحة، يتعلمون التشهد،
يتعلمون جميع ما يلزم في الصلاة، والواجب عليكم أن تعلموهم وترشدوهم ، وتوجهوهم إلى
الخير، حتى يفهموا ما أوجب الله عليهم في الصلاة، وهكذا في الزكاة، وهكذا في الحج
إذا حجوا.
المقصود : أن الواجب على المؤمن أن يتفقه في صلاته، وأن يتعلم ما يجب عليه، وألا
يتساهل في ذلك " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 350).
ثانيا:
إذا اختلف العلماء في تصحيح
حديث وتضعيفه، فيكفيك أن تقلد أحد العلماء الموثوقين من المعاصرين أو السابقين ،
ولا حرج عليك أن تسأل أحد أهل العلم بالحديث في بلدك ممن هو موثوق بعلمه ، وتأخذ
بقوله .
ولك أن تعتمد على تخريجات الشيخ الألباني أو غيره من العلماء، وتأخذ بقوله .
ومن كانت له قدرة على البحث والنظر : فإنه ينظر في الحديث ، وفي اختلاف العلماء فيه
، ويجتهد في معرفة الراجح ، من حيث صحته وضعفه .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (70455)
.
والله أعلم .
تعليق