الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل الأفضل للمأموم أن يقف في الصف الذي به سواري إذا كان أقرب للإمام؟

244314

تاريخ النشر : 22-08-2016

المشاهدات : 11446

السؤال


إذا دخل الشخص المسجد ، ووجد الصف الأول قد اكتمل بين العموديين (السواري) ، أيهما أفضل، الوقوف بجانب العمود ليكتمل الصف الأول أو الوقوف خلف الصف الأول ؟ لأنني قرأت أن الصحابة رضي الله عنهم يتجنبون الوقوف بين السواري .

الجواب

الحمد لله.


أولا:
الصف الأول للرجال هو أفضل الصفوف ، وأعظمها أجرا ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا ، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) رواه مسلم (440).
قال القاضي عياض في " إكمال المعلم بفوائد مسلم " (2/ 351):
" قوله: " وشر صفوف الرجال آخرها ": أىْ أقلها أجرًا ، فهو بالإضافة إلى الأول ناقص ، وقد يكون سماه شرًا لمخالفة أمره فيها - عليه السلام - وتحذيرًا من فعل المنافقين ...". انتهى.
وقال النووي في " شرح مسلم " (4/ 159) :
" أما صفوف الرجال : فهي على عمومها ، فخيرها أولها أبدا ، وشرها آخرها أبدا .
أما صفوف النساء : فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال ، وأما إذا صلين متميزات ، لا مع الرجال ؛ فهن كالرجال : خير صفوفهن أولها ، وشرها آخرها .
والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء : أقلها ثوابا وفضلا ، وأبعدها من مطلوب الشرع ، وخيرها بعكسه " انتهى.
وقد جاء في فضل الصف الأول أحاديث ، سبق ذكر بعضها في جواب السؤال رقم: (67797).
ثانيا:
ورد النهي عن الصف بين سواري المسجد ؛ لأنها تقطع الصفوف .
فإن كانت هناك حاجة للصف بينها؛ لكثرة المصلين ، وضيق المسجد : فلا كراهة حينئذ.
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم : (135898).

ثالثا :
اختلف أهل العلم في الصف الذي يلي الإمام إذا قطعه شيء ، كالسارية أو المنبر ، هل تبقى له فضيلته ، أم تكون للصف الذي لا يقطعه شيء مما يليه .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في " فتح الباري " (6/ 275):
" واختلف الناس في الصف الأول: هل هوَ الذي يلي الإمام بكل حال، أم الذي لا يقطعه شيء؟ وفيه قولان للعلماء ... فأما الصف الذي يقطعه المنبر ، فهل هوَ الصف الأول ، أم لا ؟
قالَ أحمد - في رواية أبي طالب والمروذي وغيرهما -: إن المنبر لا يقطع الصف. فيكون الصف الأول الذي يلي الإمام ، وإن قطعه المنبر ، بخلاف المقصورة .
وتوقف في ذَلِكَ في رواية الأثرم وغيره .
وقالت طائفة: الصف الأول هوَ الذي يلي الإمام بكل حال، ورجحه كثير من أصحابنا، ولم أقف على نص لأحمد به " انتهى.
وقال ابن قدامة - رحمه الله – في " المغني " (2 / 262):
" واختلفت الرواية عن أحمد في الصف الأول ، فقال في موضع : هو الذي يلي المقصورة ؛ لأن المقصورة تُحمى . وقال : ما أدري هل الصف الأول الذي يقطعه المنبر ، أو الذي يليه ؟ والصحيح أنه الذي يقطعه المنبر ؛ لأنه هو الأول في الحقيقة ، ولو كان الأول ما دونه أفضى إلى خلو ما يلي الإمام . ولأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يليه فضلاؤهم ، ولو كان الصف الأول وراء المنبر ، لوقفوا فيه ". انتهى.
وقال النووي في " شرح مسلم " (4/160) :
" اعلم أن الصف الأول الممدوح ، الذي قد وردت الأحاديث بفضله ، والحث عليه : هو الصف الذي يلي الإمام ، سواء جاء صاحبه متقدما أو متأخرا ، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا .هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث ، وصرح به المحققون .
وقال طائفة من العلماء : الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه ، لا يتخلله مقصورة ونحوها ، فإن تخلل الذي يلي الإمام شيء فليس بأول ، بل الأول مالا يتخلله شيء وإن تأخر .
وقيل : الصف الأول عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أولا ، وإن صلى في صف متأخر . وهذان القولان غلط صريح ، وإنما أذكره ومثله لأنبه على بطلانه ، لئلا يغتر به "انتهى.

وعلى هذا القول الصحيح المختار : تثبت فضيلة الصف الأول ، للصف الأقرب للقبلة الذي يلي الإمام ، ولو كان مقطوعا بسارية أو منبر ونحو ذلك .
والصف الأول للرجال أفضل مما وراءه من الصفوف، كما أسلفنا .
جاء في " كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 328) للبهوتي : " والصف الأول للرجال أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لتكونوا في الذي يليني ). وهو أي: الصف الأول، ما يقطعه المنبر . قال في الإنصاف : على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب اهـ. والمراد: أنه أول صف يلي الإمام ؛ قطعه المنبر أو لا ، لا ما يليه أي: لا أول صف يلي المنبر " انتهى.
وسئل الرملي الشافعي : هل يعد المنبر فاصلا حتى يمنع اتصال الصف أو لا ، فتحصل فضيلة الصف ، كفضيلة الجماعة ؟
(فأجاب) بأنه لا يعد المنبر فاصلا بين المصلي ورفقته ؛ نظرا للعرف ، فإنه يعده صفا واحدا ، كما لو لم يكن منبر ، ولم يقف في قدر مكانه أحد ، فتحصل معه فضيلة الصف ، كفضيلة الجماعة ، فقد أطلقوا أن الصف الأول هو الذي يلي الإمام ".
انتهى من " فتاوى الرملي " (1/ 250).
وسئل الشيخ ابن عثيمين : إذا كان الصف الأول من المصلين في المسجد يفصله عن بعضه منبر الخطيب فهل يعتبر صفاً أولاً في الصلاة ؟
فأجاب : " نعم ، الصف الأول هو الذي يلي الإمام - فإذا كان هذا الصف الذي يفصله المنبر هو الذي يلي الإمام ، كان هو الصف الأول على كل حال ، والصف الثاني ما بعده ، وهكذا حتى تنتهي الصفوف .
لكن ينبغي إذا كان المسجد واسعاً أن يتأخر الإمام ، حتى يكون الصف الذي خلفه متصلاً بعضه ببعض ، غير مفصول بالمنبر ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتقون الصف بين السواري - أي بين الأعمدة - لأنها تقطع الصف .
فأما إذا لم يمكن ، بأن كان العدد كثيراً ، ولا بد من تقدم الإمام ؛ فحينئذ يكون قطع الصف بالمنبر لحاجة ، ولا بأس به " انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".
وعلى ذلك : فمن جاء فوجد المصلين قد أكملوا ما بين الساريتين من الصف الأول ، فالأفضل أن يقف مع المصلين على الجانب الآخر من السارية ، لينال فضيلة الصف الأول .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب