الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

كيف يوفق الزوجان بين الحقوق الزوجية وطلب العلم ؟

245574

تاريخ النشر : 16-09-2016

المشاهدات : 29079

السؤال


كيف يمكن التوفيق بين الزواج ، وأعبائه ، وطلب العلم ؟

ملخص الجواب

والخلاصة : أن الزواج بالنسبة للرجل والمرأة عمل مبارك ، ينفع الله به الزوجين في أمر دينهما وأمر دنياهما ، فيجتمعان على طاعة الله ومحبته ، ويطلبان العلم ، بما يمكنهما ، وما تسمح به ظروفهما ، ويذكران الله ، ويتلوان القرآن ، ويقيمان الليل ، ويصطحبان إلى المسجد لحضور الندوات والدورات، ما وجدا إلى ذلك سبيلا ، ويستذكران الدروس . ثم إن ما يحصل من انشغال في بعض الوقت عن طلب العلم بسبب مسئوليات الزواج ، فهو انشغال بطاعة لا بد منها ، أمر بها الشرع ورغَّب فيها ورتب عليها مصالح كثيرة ، وما يتبقى من وقت فيمكن طلب العلم فيه ، ولا منافاة بين الأمرين ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا . وينظر السؤال رقم : (131382) . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


المرأة المسلمة عاقلة ، تدبر أمرها على حال من التوافق بين مصالح الدنيا التي لا بد منها ومصالح الآخرة .
وهي كالرجل ، تطلب العلم ، وتتفقه في الدين ، وتحضر مجالس العلم ، وتسأل وتستفتي ، وقد قالت النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ " رواه البخاري (101) ومسلم (2633) .
فالمرأة المسلمة حريصة على طلب العلم .
وهي أيضا حريصة على طاعة زوجها ، ومصالح بيتها ، ورعاية أولادها ، وهذا من تمام العلم والفقه والدين .

وقد تقابل الأخت المسلمة بعض الإشكالات حينما يتقدم إليها من يخطبها ليتزوجها ، فترى أنها بصدد أمر عظيم قد يحول بينها وبين طلب العلم ، أو يؤثر عليه تأثيرا واضحا ، فبعد أن كانت متفرغة لطلب العلم والدرس ، أتاها ما يشغلها بالكلية .
وكذلك طالب العلم ، يرى أنه إذا شرع في مشروع الزواج أنه سيؤثر على طلبه للعلم تأثيرا كبيرا .

ونوجز هاهنا النصح له ولها بهذا الخصوص فنقول :
- لا شك أن الإنسان يتعلم ليعمل بما يعلم ، وأن العمل ثمرة العلم ، وعلم بلا عمل ، شجر بلا ثمر ، ومن الفقه والعلم أن يقبل الإنسان على الزواج ويسعى في تحقيقه ، ولا يتأخر في ذلك ، فإن الزواج سنة المرسلين .
- والعاقل يجمع بين الحسنيين بغير إفراط ولا تفريط في أيهما ، ويوازن الأمور ، ويجعل لكل أمر ما يخصه ، ويقدم خير الخيرين ، ويدفع شر الشرين ، ويحصّل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ، ويدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما ، ويترك بعض الخير لتحصيل معظمه ، ويحتمل بعض الشر لدفع أكثره ، ونحو ذلك من الموازنات التي تنمّ عن العقل وحسن تدبير الأمور .
فلا يقول : لا أتزوج لأن الزواج يمنعني من طلب العلم ، ولا يقول : أنشغل بالزواج وأترك العلم ، ولكن : يتزوج ، وينشغل بالعلم ، ويستعين بالله في تحصيل كل منهما باعتدال، لا إفراط فيه ولا تفريط .
- ولا شك أن الزواج يحتاج إلى الكثير من المال والجهد والوقت ، وكذلك طلب العلم ، والمسلم والمسلمة يقسمان ذلك على الأمرين ، قسمة لا تخل بأحدهما ، فلا يذهب المال والوقت والجهد كله في أمر الزواج وتكاليفه وتجهيزه ، ولا في أمر طلب العلم والحرص عليه ، ولكن يكون ذلك بالوسطية والاعتدال .
فيحرص المسلم - وكذا المسلمة - على دروس العلم والمذاكرة والتحصيل والمراجعة ، ولكن بنصيب أقل من ذي قبل ، ليتمكن من الإعداد للزواج والتجهيز له .
ولا يذهب ماله كله في شراء الكتب ، وتكميل المكتبة بما ينقصها من المصنفات ، ولكن يقتصر على شراء أهم المراجع والمصنفات ، وما لا بد منه ، ويدخر من المال ما يقدر به على إتمام مهام الزواج وأعبائه .
وكذلك بالنسبة للمرأة ، لا يكون جل همها شراء كافة الأجهزة والاحتياجات المنزلية من الضروريات والكماليات ، وتنشغل بالتحسينيات ، ولكن تهتم بالأهم فالأهم ، وتقتصر على ما لا بد منه ، ولا تلح فيما يمكن الاستغناء عنه ولو إلى أمد ، ولا تشغل كل أوقاتها في الخروج للأسواق وشراء الحاجيات .
- وبعد الزواج توطن الزوجة نفسها على طاعة زوجها في المعروف ، وتقر في بيتها ، ولا تلح في الخروج المستمر بحجة حضور الدروس والندوات ، ولكن تقتصر على بعض ذلك ، وتتدارك ما يفوتها ، أو بعضه ، بالاستماع إليه عبر الوسائط الحديثة ، كالكمبيوتر وجهاز التسجيل ونحو ذلك .
وليكن شغلها الشاغل طاعة زوجها ، والتجمل له ، وحسن معاشرته ، ونصحه وتذكيره .
وقد روى الإمام أحمد (1664) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (660) .

وليحرص الزوج على أن يعين زوجته على تحصيل ما تحتاجه من العلم الشرعي ، فيشتري لها ما لا بد لها منه ، من الكتب الشرعية ، ويحضِر لها الدروس العلمية المسجلة ، ويحثها على المذاكرة والاستماع إلى هذه الدروس ، ويناقشها فيها ، وينظم لها الوقت للمذاكرة ، ويحثها على ذلك ، ولا يشغل عامة وقتها بطلب تجهيز الطعام وترتيب أثاث البيت ونحو ذلك .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب