الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

شرح الحديث المتواتر والمستفيض والعزيز والغريب .

245862

تاريخ النشر : 25-06-2016

المشاهدات : 51176

السؤال


هل يشترط للحديث المتواتر تعدد الطرق ، أم إن طريقا واحدة تكفيه إن كثر رواته الذين يمتنع تواطؤهم علي الكذب ؟ وهل يشترط في الحديث المشهور أو العزيز أو الغريب أن يكون الثلاثة رواه فأكثر مالم يبلغ حد التواتر أو الراويان أو الراوي علي الترتيب من الصحابة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الحديث المتواتر هو: ما رواه جمع تحيل العادة تواطأهم على الكذب ، أو صدوره منهم اتفاقا من غير قصد ، ويستمر ذلك في كل طبقة من طبقات السند، ويكون مرجعه إلى الحس ، من مشاهَد أو مسموع أو نحوهما .
قال القاسمي رحمه الله في " قواعد التحديث " (ص 146):
" المتواتر: ما نقله من يحصل العلم بصدقهم ضرورة، بأن يكونوا جمعًا لا يمكن تواطؤهم على الكذب على مثلهم، من أوله إلى آخره؛ ولذا كان مفيدًا للعلم الضروري ، وهو الذي يضطر إليه الإنسان بحيث لا يمكنه دفعه ، ويجب العمل به من غير بحث عن رجاله، ولا يعتبر فيه عدد معين في الأصح " انتهى .

ومعنى : لا يشترط فيه عدد معين : أنه لا يتقيد المتواتر بأن يكون هو الذي رواه : أربعة ، أو خمسة ، أو عشرة ، فليس هناك عدد محدد يحصل به التواتر ، وما دونه لا يحصل به ، بل الواجب أن يتحقق "العدد الكثير" الذي تحصل به صفة التواتر .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" إِذا جَمَع هذهِ الشروطَ الأربعةَ، وهي:
1- عددٌ كثير أحالت العادة تواطؤَهم، أو توافُقَهم، على الكذب.
2- رووا ذلك عن مِثْلِهِم من الابتداءِ إلى الانتهاءِ.
3- وكان مُسْتَنَدُ انْتِهائِهم الحِسَّ.
4- وانْضافَ إلى ذلك أَنْ يَصْحبَ خبرَهم إفادةُ العلمِ لِسامِعِهِ.
فهذا هو المتواتِرُ " انتهى من " نزهة النظر " (ص 196)

فمن شروط المتواتر: تعدد طرقه ، أما الطريق الواحد ، وإن صح : فلا يثبت به التواتر ، إذ لا بد من تعدد الرواة في كل طبقة من طبقات السند – حتى طبقة الصحابة - تعددا تمنع العادة تواطأهم على الكذب ، أو تواردهم على الوقوع في نفس الغلط .

ولا بد أن يعلم أن المتواتر قسمان : لفظي ، ومعنوي .
قال القاسمي رحمه الله :
" المتواتر قسمان: لفظي وهو ما تواتر لفظه، ومعنوي وهو ما تواتر القدر المشترك فيه. وللأول أمثله كثيرة منها حديث: (من كذب عليَّ متعمدًا ... ) رواه نحو المائتين وحديث الحوض، رواه خمسون ونيف وحديث المسح على الخفين رواه سبعون، وحديث رفع اليدين في الصلاة رواه نحو الخمسين .
وللثاني أمثلة أيضًا، فمنه: أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد رُوي عنه -صلى الله عليه وسلم- نحو مائة حديث فيه رفع يديه في الدعاء، لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها، وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع " .
انتهى من " قواعد التحديث " (ص 146) .

ثانيا :
أما المشهور : فهو ما رواه ثلاثة فأكثر، ما لم يبلغ التواتر ، وذلك في كل طبقة من طبقات السند أيضا، بما في ذلك طبقة الصحابة.
قال الحافظ ابن حجر :
" الْمَشْهُورُ مَا لَهُ طُرُقٌ مَحْصُورَةٌ بِأَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ، وَسَمَّاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُسْتَفِيضَ لِانْتِشَارِهِ، مِنْ فَاضَ الْمَاءُ يَفِيضُ فَيْضًا " .
انتهى من " تدريب الراوي " (2/ 621) .
وانظر : "التذكرة" لابن الملقن (17) ، "التوضيح" للسخاوي (ص 49) .
وقال د. محمود الطحان :
" المشهور اصطلاحًا: ما رواه ثلاثة فأكثر -في كل طبقة- ما لم يبلغ حد التواتر"
والمشهور غير الاصطلاحي:
يقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر؛ فيشمل:
أ- ما له إسناد واحد.
ب- وما له أكثر من إسناد.
ج- وما لا يوجد له إسناد أصلا " .
انتهى من " تيسير مصطلح الحديث " (ص 30) ، وينظر : " قواعد التحديث " (ص 124) .
ثالثا :
أما الغريب : فهو ما رواه راوٍ واحد فقط ، إما في كل طبقة من طبقات السند ، وإما في بعض طبقاته ، ولو طبقة واحدة .
" تيسير مصطلح الحديث " (ص 27) .

فإذا حصلت الغرابة في طبقة واحدة فهو غريب نسبي ، وإذا حصلت في أصل السند ، وهي طبقة الصحابة ، فهو غريب مطلق .

وأما العزيز: فقال الحافظ ابن حجر :
" صورة العزيز : ألا يرويَهُ أقلُّ مِن اثْنَيْنِ عَنْ أقلَّ مِنَ اثْنَيْنِ " .
انتهى من " نزهة النظر" (ص 53) .
وقال محمود الطحان : "العزيز اصطلاحاً : أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند" انتهى من " تيسير مصطلح الحديث " (ص 25) .

وبهذا يتبين أن ما اصطلح العلماء عليه من شروط في الإسناد حتى يكون الحديث متواترا أو مشهورا أو عزيزا أو غريباً : أن ذلك ينطبق على جميع طبقات السند، بما في ذلك طبقة الصحابة ، فالمتواتر يشترط فيه أن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة كثيرة من الصحابة .
والمشهور يشترط أن يرويه أكثر من اثنين من الصحابة .
والعزيز يشترط أن يرويه -ولو في طبقة واحدة من الإسناد- راويان اثنان فقط ، ولو كانا من الصحابة .
والغريب يشترط فيه أن يرويه راوٍ واحد فقط ، ولو كان ذلك الراوي من الصحابة ، ثم أخذه عنه جماعة .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب