الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

حكم إطالة فستان الزفاف

246278

تاريخ النشر : 05-07-2016

المشاهدات : 53659

السؤال


هل يدخل فستان الزفاف في من جر ثوبه خيلاء الذي غالبا ما يكون طويلاً ؟

الجواب

الحمد لله.


أجمع أهل العلم رحمهم الله على جواز الإسبال في الثياب بالنسبة للمرأة .
قال النووي رحمه الله :
" أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءِ " انتهى من " شرح مسلم للنووي " (6/62) .

وحد الإسبال الجائز في حق المرأة ، ما كان ذراعاً فأقل ؛ لما روى الترمذي (1731) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ) ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : " فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ " ، قَالَ : ( يُرْخِينَ شِبْرًا ) ، فَقَالَتْ : " إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ " ، قَالَ : ( فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا ، لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .

وروى النسائي (5339) ، وابن ماجه (3580) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَمْ تَجُرُّ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَيْلِهَا ؟ قَالَ : ( شِبْرًا ) ، قَالَتْ : إِذًا يَنْكَشِفَ عَنْهَا ، قَالَ : ( ذِرَاعٌ ، لَا تَزِيدُ عَلَيْهَا ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن النسائي " .

قال ابن حجر رحمه الله :
" وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلرِّجَالِ حَالَيْنِ : حَالُ اسْتِحْبَابٍ ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْإِزَارِ عَلَى نِصْفِ السَّاقِ ، وَحَالُ جَوَازٍ ، وَهُوَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .
وَكَذَلِكَ لِلنِّسَاءِ حَالَانِ : حَالُ اسْتِحْبَابٍ ، وَهُوَ مَا يَزِيدُ عَلَى مَا هُوَ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ بِقَدْرِ الشِّبْرِ ، وَحَالُ جَوَازٍ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ " انتهى من " فتح الباري " لابن حجر (10/259) .

ثانيا :
وأما إذا كان الإسبال لأجل الخيلاء ، فتحريم ذلك شامل للرجال والنساء جميعا ، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( من جر ثوبه خيلاء .. ) .
جاء في " طرح التثريب في شرح التقريب " (8/173) :
" دَخَلَ فِي قَوْلِهِ : ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ ) الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ؛ وَلِذَلِكَ سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا : فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ فِي الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءٍ ؟
قُلْت : الظَّاهِرُ أَنَّ الْخُيَلَاءَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ ، وَإِنَّمَا سَأَلَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَمَّا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ ، فَصَحَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ دُخُولِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ فَهْمُ أُمِّ سَلَمَةَ وَتَقْرِيرُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَهَا عَلَى ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُنَّ لَقَالَ لَهَا لَيْسَ حُكْمُ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ الرِّجَالِ ، وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَاضِي وَالنَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخُيَلَاءِ " انتهى .
وينظر : " فتح الباري " لابن حجر (10/259) .

ثالثا :
دل قوله عليه الصلاة والسلام ، في حديث أم سلمة رضي الله عنها : " لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ " على عدم جواز الزيادة على الذراع ، حتى ولو كانت الزيادة بغير قصد الخيلاء ؛ فأم سلمة رضي الله عنها ، إنما طلبت الزيادة لغرض الستر ، ومع هذا نهى عليه الصلاة والسلام من الزيادة على الذراع .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " فتح الباري " (10/259) :
" قَوْلُهُ ( مَنْ ) : يَتَنَاوَلُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ ، وَقَدْ فَهِمَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ...
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْفَهْمِ التَّعَقُّبُ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّ الْأَحَادِيثَ الْمُطْلَقَةَ فِي الزَّجْرِ عَنِ الْإِسْبَالِ ، مُقَيَّدَةٌ بِالْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى الْمُصَرِّحَةِ بِمَنْ فَعَلَهُ خُيَلَاءَ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ فِي تَقْيِيدِهَا بِالْجَرِّ خُيَلَاءُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ مُخْتَصٌّ بِالْخُيَلَاءِ .
وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَمَا كَانَ فِي اسْتِفْسَارِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ حُكْمِ النِّسَاءِ فِي جَرِّ ذُيُولِهِنَّ مَعْنًى ، بَلْ فَهِمَتِ الزَّجْرَ عَنِ الْإِسْبَالِ مُطْلَقًا ، سَوَاءٌ كَانَ عَنْ مَخِيلَةٍ أَمْ لَا ، فَسَأَلَتْ عَنْ حُكْمِ النِّسَاءِ فِي ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهِنَّ إِلَى الْإِسْبَالِ مِنْ أَجْلِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ قَدَمِهَا عَوْرَةٌ ، فَبَيَّنَ لَهَا أَنَّ حُكْمَهُنَّ فِي ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ حُكْمِ الرِّجَالِ ، فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَطْ " انتهى .

وقد سبق في جواب السؤال رقم : (218290) ، وجواب السؤال رقم : (111852) تحريم الإسبال ولو كان بغير قصد الخيلاء .
قال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله:
" وَالْأَوْجَهُ : أَنَّ ابْتِدَاءَ الذِّرَاعِ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ، وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ ، لَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ ، وَلَا مِنْ أَوَّلِ مَا يَمَسُّ الْأَرْض" انتهى من "‫أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 279).

وبناء على ما سبق ، فإذا كان فستان الزفاف طويلاً أكثر من ذراع – كما هي العادة في بعض الدول - ، فهو من الإسبال المحرم ، فإذا صاحب ذلك الإسبال فخر وخيلاء ، عظم التحريم واشتد ؛ لفعل الإسبال ، ولما قام بالقلب من الخيلاء .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
" تفضلتم وذكرتم أن إطالة الثوب بالنسبة للرجل محرم ، وأيضا إذا كان بالنسبة للمرأة إذا كان تفاخرا فهو محرم ، فما رأيكم بفستان الفرح الذي تسحبه العروس وراءها بطول 3 أمتار تقريبا ؟

فأجاب : أما ما يتعلق بالمرأة ، فالسنة أن تضفي ثوبها شبرا ، ولا تزيد على ذراع ، لأجل الستر ، وعدم إظهار القدمين .
وأما الزيادة على ذراع فمنكر للعروس أو غيرها ؛ لا يجوز ، وهذا إضاعة للأموال بغير حق في الملابس ذات الأثمان الغالية " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (4/ 121) .

وللفائدة في حكم لبس فستان الزفاف ، ينظر جواب السؤال رقم : (12853) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب