الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

شرط عليها أن تجري عملية في الرحم على نفقة أبيها أو نفقتها فقبلت ثم تراجعت بعد الزواج

257418

تاريخ النشر : 09-02-2017

المشاهدات : 4561

السؤال

تقدمت لخطبة فتاة فصارحتني بأنها تعاني من مرض ما في رحمها علاجه صعب ، وصارحتها أنني أريد أن أنجب فإن لم تنجب هي فسأتزوج معها أخرى بعدها فرفضت هي الزواج فهممت أن أتراجع عن خطبتها إلا أنني خفت الله أن أظلمها وهي لا ذنب لها في مرضها فبحثت هل من علاج لمشكلتها فوجدت أنه من الممكن إجراء جراحة تشفيها ولكنها مكلفة جدا ، و فكرت أن والدها ثري فبإمكانه دفع ثمن الجراحة التي قد تصل إلى مليون جنيه ، وكذلك العروس تملك قطعة من الأرض باسمها وهكذا حجزت لها دور في المستشفى و اخبروني الأطباء أن دورها سيكون بعد عاميين فذهبت لخطبتها ، واتفقت مع والدها على المهر ولبَّيت له كل مطالبه إلا أني اشترطت عليه أن يدفع تكاليف الجراحة لابنته حين يأتي دورها بعد عاميين حتي وان كانت في عصمتي فوافق الأب على الفور وطالبني بالتعجيل بالزفاف متعهدا أنه سيدفع كل تكاليف العملية مهما كانت حين وقتها وسألتني الفتاة وماذا لو تراجع أبي عن قراره هل ستطلقني؟ قلت : كلا . وإنما سيكون عليك بيع أرضك لإجراء الجراحة. و تزوجنا وجاء وقت العملية وتملص حماي من الدفع وتهرب ثم رفض الدفع فقاطعته أنا ، وحزنت زوجتي، وهممت مع زوجتي أن نبيع أرضها كما اتفقنا من قبل كي نجري العملية إلا أنها تراجعت عن عهدها و طالبتني أن أتزوج عليها وأنجب من الأخرى وأن أترك لها أرضها لأنها تفضل أن يكون لديها مال كأمان للمستقبل ، سألتها أتفضلين النقود علي الانجاب؟ أجابتني أنها تخشى إن باعت أرضها وصارت فقيرة ثم لم تنجح العملية أن أتزوج أنا في كل الأحوال وان أهتم أنا بالإنفاق على أولادي أكثر من زوجاتي فتصبح هي وحيدة فقيرة . السؤال الآن : أولا : هل يحق لها شرعا التراجع عن هذا العهد؟ أنا غاضب منها لا أكلمها ولا أقترب منها ولا آكل معها فهل أطلقها لخيانتها للعهد

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ينبغي على الزوجين الوفاء بما شرط في النكاح، ما لم يخالف الشرع؛ لما روى البخاري (2721) ومسلم (1418) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ).

وقد اختلف أهل العلم في وجوب الوفاء بذلك، فذهب كثير منهم إلى استحبابه، وذهب بعضهم إلى وجوبه.

قال المرداوي في الإنصاف (8/ 157): " حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد، ونحو ذلك: لم يجب الوفاء به على الزوج. صرح به الأصحاب. لكن يستحب الوفاء به. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية عبد الله. ومال الشيخ تقي الدين رحمه الله إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط، ويجبره الحاكم على ذلك" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود [المائدة: 1]، وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا [الإسراء: 34]، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا. وكذلك قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: كل شرط ليس فيه كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.

فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف .

وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من الشرح الممتع (12/ 163).

فيلزم الزوجة أن توفي بما اتفقتما عليه من إجراء الجراحة، ما لم يكن ضرر عليها.

ونصيحتنا لك أن تمسك زوجك، وتتقي الله تعالى فيها، وأن تعذرها في موقفها هذا، فإن الوفاء بهذه الشروط فيه خلاف مشهور عند أهل العلم، وأكثرهم على عدم وجوب الوفاء بها؛ لأنها من قبيل الوعد، والوفاء به مستحب. وإن كان الراجح وجوب الوفاء بالوعد، لاسيما إذا دخل الإنسان به في كلفة والتزم أمورا لأجله.

ثم إن الوفاء بهذا الشرط قد يكون ضررا عليها، لاحتمال أن تفشل العملية وتفقد مالها.

ولك أن تتزوج من أخرى، فإن الزواج بها لا يتوقف على إذن الزوجة، ما لم تشترط في العقد عدم الزواج عليها ، وهي بنفسها قد اقترحت عليك ذلك .

فنحن نرى أن ذلك خير لكما ، وتجمع بين المصلحتين : مصلحتك في الزواج بمن تنجب منها ، ومصلحة الحفاظ على بيتك القائم ، وزوجتك ، ولعل الله أن يجعل لكما من ذلك خيرا ويسرا .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب