الحمد لله.
أولا:
ما يقوم به من في الوزارة من إبلاغكم بالسعر الأفضل حتى يفوز المقاول من جهتكم، عمل محرم، وخيانة للأمانة، وما يأخذه على ذلك سحت وباطل .
وكذا كل من شاركه فيه .
وليس هذا من السعي الجائز بل هو من السعي في الحرام والإثم.
وقد سبق بيان تحريم هذا العمل في جواب السؤال رقم (143143).
ويحرم أخذه المال ولو جاءه دون اشتراط، وأولى إذا اشترطه، ويلزمه أن يرده إلى خزينة الدولة. فإن لم يمكن ذلك صرفه في مصالح المسلمين العامة.
سئل الدكتور الشريف حمزة بن حسين الفعر، عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى، ما نصه:
"أنا أعمل في دائرة حكومية، وهذه الدائرة لديها مشاريع عن طريق المناقصة، وقد كلفت أنا بالقيام على هذه المناقصة، وبعد تقديم العطاءات تم اختيار اللجنة على أقل العطاءات، وإني أسأل هل الربح المادي الذي سوف أحصل عليه حرام أو حلال؟ وإني سوف أحصل على مبلغ رمزي.
فأجاب: إذا كنت تعمل في إدارة حكومية أو غيرها، وتتقاضى أجراً من الإدارة التي تعمل بها، فلا يجوز لك أن تأخذ على عملك الذي تؤديه في هذه الإدارة، ممن تتعامل معهم لحساب الإدارة ، شيئاً، سواء أكان باسم هدية ، أو بشرط منك؛ لأن هذا العمل ليس لك .
وقد حدث في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ولّى رجلاً على جباية الزكاة يقال له ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، فأعطاه أصحاب الأموال التي قبض زكاتها هدايا، فلما جاء إلى النبي - عليه الصلاة والسلام- قال هذا -لكم يعني الزكاة- وهذا أهدي إليَّ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلاَّ قعد أحدكم في بيت أبيه فينظر هل يهدى إليه أو لا" انظر: البخاري (2597) ومسلم (1832) .
ولم يرض بأن يأخذ الرجل الهدايا التي أهديت له؛ لأنها بسبب العمل ، فيجب أن ترد على أصحاب العمل. والله أعلم" انتهى من فتاوى موقع الإسلام اليوم.
وسئل الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله:
" عن الرشوة هل تحصل في هذا التعامل أو لا؟
أنا أعرف صديق لي يعمل مدير عام للمناقصات والمشتريات في أحد المشاريع الكبيرة في الدولة، وأنا لدي مؤسسة طبية، وأخبرني بأنه يستطيع دعمي بمناقصة كبيرة بالملايين، على أنه يريد اسم مؤسستي فقط، وإذا كان لدي القدرة على التوريد فلا مشكلة في ذلك، علما بأني ليس لدي القدرة على التوريد، فاقترحنا بأن نتضامن مع شركة كبيرة من الباطن عند ترسية المناقصة على مؤسستي، على أن يكون هناك اتفاق مسبق على تقسيم الأرباح بالشكل العادل ..
نقطة الخلاف هنا هي في صديقي، فهو يطلب نسبة من الأرباح قد تكون من طرف واحد أو من الطرفين، أقصد مؤسستي والشركة الباطنة، وقد اقترحت بأن أتفاهم معه حول هذا الموضوع، فلا أريد أن أضيع الفرصة عليه، بأن أكسب ولا أريد كذلك الدخول في الرشوة؟
فجاء في بالي بأن أقترح عليه عدم تحديد نسب إلا بيني وبين الشركة الباطنة، وبعدها بما تجود به كلتا الشركتين بأن نعطيه أو لا نعطيه؟ فلا أعلم هل اقتراحي هذا سليم، علما بأنه لا يستطيع دعمي بشكل مستمر، لأنه يتوجب عليه دعم كل الشركات والمؤسسات، وقد لا أحظى بفرصة مثل هذي الفرصة إلا مرة واحدة كل عام. وبحكم العلاقه التي بيننا هو أحضرني لكي يضمن حقه في المناقصة وأقصد من باب الثقة.
وكما تعلم يا فضيلة الشيخ، هذا مال يتوجب عليه صرفه لتوريد بضاعة، واختلافي مع صديقي بأني لا أريده أن يشرط علي نصيبه، ويقتنع بما تجود به نفسي أن أعطيه حتى ولو لم أعطه شيئا.
أرجو توجيهي في هذا التعامل بشكل عام، وعدم قطع الطريق عليه، أقصد إيجاد حل لي كي أكسب فوالله إنني محتاج، وربي يعلم بهذا، ولايوجد ضرر أو ضرار على أحد، لأن المناقصات والطلبات لديه بكثرة، فالكل سوف يأكل ويأخذ نصيبه، ولكن هو من باب والله أنه يريد أن يدعمني، وفي نفس الوقت يريد أن يحصل على فائدة، وكلنا نريد أن نستفيد ولكن بما يرضي الله.
فأجاب:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فلا شك في حرمة ذلك، فمن المتقرر شرعا أن موظف الحكومة لا يجوز له أن يستفيد من منصبه البتة.
وإن حصل أن أخذ شيئا، فلا بد أن يسلمه لبيت المال، ولا يجوز له التصدق به، أو التخلص منه، وإلا كان ذلك منه غلولا.
وحديث ابن اللتبية نص صريح في ذلك، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلا قعد في بيت أبيه أو أمه فينظر أيهدى له أم لا".
وهذا لم يزعم أنه أهدي له، بل صمم وهندس المقاولة والمناقصة لتكون له فيها نسبة من الربح.
وأرى أن تناصحه وتخوفه بالله، فهذا رزق محرم ماحق للبركة ومانع للدعاء .
وإن لم يستجب، فيجب عليك الإبلاغ عنه للسلطات المختصة، فنحن في السعودية لم نصب بما أصبنا به من قلة البركة، وكثرة المشكلات المالية، والبطالة وغيرها إلا بسبب تلك الممارسات المسكوت عنها، بل والممارسة على نطاق واسع.
نسأل الله لنا ولإخواننا الهداية والصلاح واتباع سنن المصطفى، والرزق الحلال المبارك. والله أعلم " انتهى من موقعه: الربح الحلال:
https://goo.gl/8hnn0E
ثانيا:
لا يجوز لك ولا لأحد من المقاولين أن يتعامل مع هذا الموظف ، ولا مع وسيط بينهما، لدخول هذه المعاملة في الرشوة، وهدايا العمال المحرمة، روى أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي " والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621) .
وعند أحمد : ( والرائش ) ، وهو الذي يتوسط بينهما .
ومن أخذ شيئا من هذا المال الحرام، لزمه التخلص منه بإعطائه الفقراء والمساكين أو صرفه في مصالح المسلمين العامة، ولا يرد للمقاول؛ لئلا يجمع بين المال ، والعوض المحرم الذي أخذه ، وهو حصوله على المشروع بطريق الرشوة.
قال ابن القيم رحمه الله: "إذا عاوض غيره معاوضة محرمة، وقبض العوض، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم، ثم تاب والعوض بيده. فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ، ولم يقبضه بإذن الشارع ، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح.
وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ، ولا يدفعه إلى من أخذه منه .
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أصوب القولين؛ فإن قابضه إنما قبضه ببذل مالكه له، ورضاه ببذله، وقد استوفى عوضه المحرم، فكيف يجمع له بين العوض والمعوَّض، وكيف يرد عليه مالا قد استعان به على معاصي الله" انتهى من "مدارج السالكين" (1/ 389).
وعلى هذا : فيلزمك التخلص مما بقي في يدك من هذا المال، إلا أن تكون محتاجا فتأخذ منه قدر حاجتك.
قال النووي رحمه الله نقلا عن الغزالي في شأن التوبة من المال الحرام: "وله أن يتصدق به على نفسه وعياله ، إذا كان فقيرا ، لأن عياله إذا كانوا فقراء : فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير.
وهذا الذى قاله الغزالي في هذا الفرع ، ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه" انتهى من المجموع (9/ 351).
والله أعلم.
تعليق