الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل يلزم الزوجة التي تريد الخلع أن تعطي زوجها المهر كاملاً ؟

259434

تاريخ النشر : 08-01-2017

المشاهدات : 143010

السؤال

طلبت الطلاق ، ولجأت للمحكمة بقضية شقاق ونزاع ، وحكمت لي المحكمة بالطلاق ، ولكن دون أن أحصل على المؤخر ، حيث إن مجموع المهر : سبعة آلالاف، المقدم 2000 ، والمؤخر5000 ، حكمت المحكمة أن نسبة الضرر له 80% ؛ لأنه ذكر أنه لا يريد الطلاق ، وأنه كتب لي شقة باسمي ، وأنه ترك فيها أثاث ، كما حكمت علي أن أعطيه 600 دينارا لتكملة نسبة الضرر ، ودفعت له 600 دينارا كما حكمت المحكمة ، وأنا كنت راضية وموافقة ؛ لأنني لم أعد أصبر على العيش معه ، فلا يوجد اتفاق من بداية زواجنا و، كان الأهل يرجعونني إليه رغما عني ، وما كان بيدي حيلة ، فيه صفات خفت بسببها أن أتعدى حدود الله عزوجل ؛ لأنني لم أكن أطيقه ، و لذلك طلبت الطلاق ؛ لأنني لم أستطع التحمل ، فهل بهذا أكون قد طلبت الطلاق بغير عذر شرعي ؟وهل يعتبر خلعا ؟ وهل يجب علي إرجاع المهر له نقدا ، حيث إنني من طلبت الطلاق ؟ وأنا حاليا أعيش مع الأولاد ، بالأثاث الذي تركه بالبيت ، حيث إنه لم يذكر شيئا عنه بعد الطلاق ، أريد أن أبرئ ذمتي ، فهل له حق بشيء مثل الأثاث أو المهر أعطيه إياه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق إلا عند وجود ما يدعو إلى ذلك ، كسوء معاملة الزوج ، أو كراهتها له ، بحيث تخشى تضييع حقه؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

ولما روى البخاري (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).

 قال ابن حجر رحمه الله :

" أي : لا أريد مفارقته لسوء خلقه ولا لنقصان دينه ، زاد في رواية : ( ولكني لا أطيقه )... بل وقع التصريح بسبب آخر ، وهو أنه كان دميم الخلقة ، ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - عند ابن ماجه - : ( كانت حبيبة بنت سهل عند ثابت بن قيس وكان رجلا دميما ، فقالت : والله لولا مخافة الله إذا دخل علي لبصقت في وجهه ) .

قوله : ( ولكني أكره الكفر في الإسلام ) أي : أكره إن أقمت عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر ... وكأنها أشارت إلى أنها قد تحملها شدة كراهتها له ، على إظهار الكفر لينفسخ نكاحها منه ، وهي كانت تعرف أن ذلك حرام ، لكن خشيت أن تحملها شدة البغض على الوقوع فيه .

ويحتمل أن تريد بالكفر كفران العشير ، إذ هو تقصير المرأة في حق الزوج " انتهى باختصار من " فتح الباري " (9/ 399).

 فإذا كنت قد كرهت الزوج ، وخفت أن تتعدي حدود الله معه ، كما ذكرت، فلا حرج عليك في سؤال الطلاق أو الخلع.

 ثانيا:

إذا تم الطلاق على عوض تدفعه المرأة، فهو خلع، ولو كان بلفظ الطلاق،  كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (126444) .

والعوض هنا : هو 600 دينار، وما تنازلت عنه من مؤخر الصداق .

ولا يلزم في الخلع أن تتنازل المرأة ، أو ترد المهر كله، بل بحسب ما يقع عليه الاتفاق، قليلا كان أو كثيرا.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وجملة الأمر : أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخَلْقِه، أو خُلُقِه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله تعالى :  ( فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [البقرة: 229]".

إلى أن قال: " (ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها) . هذا القول يدل على صحة الخلع بأكثر من الصداق، وأنهما إذا تراضيا على الخلع بشيء : صح" انتهى من المغني (7/ 323، 325).

 ثالثا:

الأثاث الذي تركه الزوج في الشقة باق على ملكه، ما لم يهبه صراحة لك، أو كان عرف بلادكم أن "الأثاث" هو مهر المرأة ، أو جزء من مهرها ، كما يوجد في بعض البلاد ، فتستحقه المرأة ، ولا يلزمها رده ، ما دام لم يقع الاتفاق على رده في الخلع .

ولعله تركه لأجل أولاده، ولو روجع في أمره كان حسنا، ليتبين هل تركه لزوجته أم لأولاده، أم منعه الحياء من المطالبة به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

وفي هذا قطع لمادة النزاع مستقبلا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب